للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن هذا فصل معترض بين ذكر الورّاث وأنصبائهم، وبين قوله: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}، ولا تعلق لمعناه بمعنى الآية، ومعنى هذا الفصل في قول ابن عباس والكلبي: أن الله تعالى يُشَفِّع المؤمنين بعضهم في بعض، فأطوعكم لله عز وجل من الآباء والأبناء أرفعكم درجة (١). فإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة من ولده رفع الله إليه ولده بمسألته (٢)، ليقرّ بذلك عينه، وإن كان الولد أرفع درجة من والديه، رفع الله إليه والديه، فقال الله عز وجل: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا}، لأن أحدهما لا يعرف منفعة صاحبه له في الجنة، وسبقه إلى منزلة عالية تكون سببًا لرفعه إليها (٣).

القول الثاني: أن هذا فصل معترض بينهما، ومعناه متعلق بمعنى الآية.

يقول: لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا في الدنيا فتعطونه من الميراث ما يستحق، ولكن الله تعالى قد فرض الفرائض على ما هو عنده حكمة، ولو وكل إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم، فأفسدتم وضيعتم وأعطيتم من لا يستحق ومنعتم من يجب له الميراث، وهذا قول الزجاج (٤)، وابن الأنباري، وجماعة من أهل المعاني (٥)، وإليه أشار ابن عباس في


(١) أخرجه عن ابن عباس ابن جرير بنحوه ٨/ ٤٩، وسنده حسن. انظر: "تحقيق المروي" عن ابن عباس ١/ ١٨٤، وذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ٢٣ أ.
(٢) في (أ): (بمسلته).
(٣) ذكر الهواري معنى ذلك من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقريبًا منه قولًا للكلبي. انظر "تفسير كتاب الله العزيز" ١/ ٣٥٥، "الكشف والبيان" ٤/ ٢٣ أ، "معالم التنزيل" ٢/ ١٧٨.
(٤) ساق الزجاج القولين من دون اختيار لأحدهما. انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٢٤.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٨١ - ٢٨٢، "إيضاح الوقف والابتداء" ٢/ ٥٩٣، "الدر المنثور" ٢/ ٢٢٣, ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>