للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المفسرون: الخير الكثير في المرأة المكروهة أن يرزقه الله منها ولدًا صالحًا ويعطفه عليه (١).

وقوله تعالى: {فِيهِ} الكناية تعود إلى قوله: {شَيْئًا}، ويجوز أن تعود إلى الكراههَ والكُره؛ لأن الفعل يدل على المصدر (٢).

٢٠ - قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} الآية. قال المفسرون: لما ذكر الله تعالى في الآية الأولى مُضارّة الزوجات إذا أتين بفاحشة، بَيّن في هذه الآية تحريم المضُارة في غير حال الفاحشة، ونهى عن بَخس (٣) حقَّها من المهر إذا أراد الرجل طلاقها وأن يتزوج غيرها، فليس المهر للمرأة موقوفًا على التمسك بها، حتى إذا أراد الاستبدال جاز له أخذه، بل هو تَمليكٌ صحيح لا يجوز الرجوع فيه (٤).

وقوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}. فيه دليل على جواز المُغالاة في المهر (٥)، فقد رُوي أنّ عمر - رضي الله عنه - قال على المنبر: ألا لا تُغالوا في مُهور نسائكم. فقامت امرأة وقالت: يا ابنَ الخطاب: الله يُعطينا وأنت تمنع، وتلت هذه الآية، فقال عمر: كُلّ الناس أفقه من عمر، ورجع عن


(١) روى نحوه عن ابن عباس، وقال به كثير من المفسرين. انظر: الطبري ٤/ ٣١٣، و"تفسير الهواري" ١/ ٣٦١، والثعلبي ٤/ ٢٩ أ، والبغوي ٢/ ١٨٦، و"زاد المسير" ٢/ ٤٢، وابن كثير ١/ ٥٠٨، "الدر المنثور" ٢/ ٢٣٦.
(٢) انظر: الطبري ٤/ ٣١٣، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٩٤، "الدر المصون" ٣/ ٦٣٢.
(٣) في (د): (يحسن).
(٤) هذا من اهتمام المؤلف -رحمه الله- ببيان التناسب بين الآيات، وقليل من المتقدمين من اهتم بذلك. انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٢٠٥.
(٥) زيادة المهر وكثرته شيء، والمغالاة بمعنى التنافس في زيادته شيء آخر، والآية دلت على جواز الأول دون الثاني، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>