للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا أن غالب الأمر يقال فيمن يَعقل بالهاء، وفيمن لا يعقل بغير هاء، أرادوا الفرق بينهما (١)، والقول بزيادة الهاء أولى من اعتقاد حذفها؛ لأن الهاء أحد الحروف العشرة التي تُسمى حروف الزيادة، لا حروف النقص، فلا ينبغي أن يعتقد أن الهاء هي الأصل، وأن أُمًّا محذوف من أُمَّهَة.

فأما قول من قال: تأمّهت أمًّا، فيظهره مما يعارضه قولهم: أمّ بيّنة الأُمومة، بحذف الهاء، فرواية برواية، وبقي النظرة (٢) الذي قدمناه وهو أن الهاء كثيرًا ما تُزاد في الكلام، وقلّ ما يوجد حذفها، على أن قولهم: تأمّهت، إنما حكاها صاحب العين، وفي ذلك الكتاب من الخَطَل والاضطراب مالا يدفعه نظَّار (٣)، وذاكرت بكتاب العين يومًا شيخَنا أبا علي، فأعفى (٤) عنه ولم يرضه، لما فيه من القول المرذول والتصرف الفاسد (٥).

وذهب ابن الأنباري إلى أن الأصل: أُمّ، ثم يقال في النداء: يا أُمّاه، فيدخلون هاء السكت. ثم إن بعض العرب يُسقط الألف وُيَشبَّه هاء السكتة بتاء التأنيث وتقدير بالإضافة بعدها، فيقول: يا أمّت كما قالوا: يا أَبَت، ثم قد تُستعمل التاء في أمّ في غير النداء، ولم يُستعمل ذلك في الأب، وهو قوله:


(١) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٦٥، وانظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٢، "الصحاح"
٥/ ١٨٦٣ (أم).
(٢) قد يكون الصواب: النظر بدون هاء كما في "سر صناعة الإعراب"٢/ ٥٦٨.
(٣) في "سر صناعة الإعراب" نظار جلد.
(٤) هكذا في (أ)، (د)، ولعل الصواب: فأعرض كما في "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٦٨.
(٥) انتهى من "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٦٦ - ٥٦٨ بتصرف بالحذف لا باللفظ، وهذا من العجيب حيث أتى المؤلف بكلام أبي الفتح ابن جني الذي لقي أبا علي الفارسي وذاكره، وكأنه هو المذاكر حيث لم يعز الكلام لقائله!

<<  <  ج: ص:  >  >>