للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو زيد: هو التحنت (١).

وقال أبو إسحاق: معناه أن الله عز وجل خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها، فحرموها على أنفسهم، كالبحائر والسوائب والوصائب، وخلق الشمس والقمر سخرةً للناس ينتفعون بها، فعبدها المشركون، فغيروا خلق الله (٢).

والأظهر هو القول الأول، لأنه يدخل فيه كل ما نهى الله عنه، وكل من ارتكب محظورًا، أو أتى منهيًّا، فقد غير دين الله (٣).

قال العلماء من أهل التأويل: إن إضلال إبليس تمنية وتزيين ووسواس، ليس له من الضلالة شيء (٤)، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خلق إبليس مزينًا, وليس إليه من الضلالة شيء" (٥).

ولما علم أن الله تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلًا، وخلق النار وخلق لها أهلًا قال: {لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: ١١٨] يريد أهل النار (٦)، وقال: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} الآية، ولو كان شيء من الضلالة إليه سوى الدعاء إليها لأضل جميع الخلق عن الهدى (٧).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ} يريد من يُطعه فيما يدعو إليه من الضلال، فكل من أطاعه فهو ولي له وإن لم يقصد


(١) انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٣٥٣. وهكذا هذِه الكلمة جاءت في المخطوط، وعند أبي حيان، ولم أجد لها معنى، وقد يكون الصواب: "التخنث".
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١١٠، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٢ ب.
(٣) وهذا ما اختاره الطبري ٥/ ٢٨٥، والزجاج في "معانيه" ٢/ ١١٠.
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٣ أ، و"زاد المسير" ٢/ ٢٠٤.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) انظر. "الكشف البيان" ٤/ ١٢٣ أ، و"زاد المسير" ٢/ ٢٠٧.
(٧) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٣ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>