للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الأنباري: وأكثر اللغويين يختارون هذا القول في تفسير الآية، واحتجوا بأن المسجون بمنزلة المخرج من الدنيا إذا كان ممنوعًا من التصرف وَمحولًا بينه وبين أهله وأولي أُنسِه، مع ممارسته صنوف المكاره والأذى في السجن (١).

وقال ابن قتيبة: ولا أرى شيئًا من هذه التفاسير أشبه بالنفي في هذا الموضع من الحبس؛ لأنه إذا حُبس ومُنع من التصرف والتقلب في البلاد فقد نفي منها كلها وأُلجئ إلى مكان واحد، وأنشد هو وأبو بكر قول بعض المسجنين (٢):

خرجنا من الدنيا ونحنُ من أهلها ... فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى

إذا جاءنا السجَّان يومًا لحاجةٍ ... عَجِبْنا وقلنا جاء هذا من الدنيا (٣)

وقال الوليد بن عبيد (٤) يذكر قومًا سجنوا:

غابوا عن الأَرْضِ أَنْآى غيبةٍ وهُم ... فيها فلا وَصلَ إلا الكتبُ والرسلُ (٥)


(١) لم أقف عليه
(٢) عند ابن قتيبة: المسجونين. "تأويل مشكل القرآن" ١/ ١٤١.
(٣) "تأويل مشكل القرآن" ١/ ١٤١، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٣٢، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ١٥٣، "البحر المحيط" ٣/ ٤٧١، وجاء فيها الشطر الثاني من البيت الأول:
فلسنا من الأموات فيها ولا الأحياء
وقد ذكر الرازي أن هذا الشعر لصالح بن عبد القدوس حين حبس بتهمة الزندقة في سجن ضيق مدة طويلة. انظر: "التفسير الكبير" ١١/ ٢١٧.
(٤) هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى بن عبيد الملقب بالبحتري، شاعر وقته في الدولة العباسية، وله ديوان، توفي -رحمه الله- سنة ٢٨٣ هـ وقيل بعدها. انظر: "الفهرست" ص ١٢٦، "سير أعلام النبلاء" ٣/ ٤٨٦، "البداية والنهاية" ١١/ ٨١.
(٥) "ديوان البحتري" ٣/ ١٧٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>