للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآية تدل على أن شرع عيسى كان شرع موسى (١).

٤٧ - قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ}.

قال أهل المعاني: قوله: {وَلْيَحْكُمْ} يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون التقدير: وقلنا: ليحكم أهل الإنجيل (٢)، فيكون هذا إخبارًا عما فرض عليهم في ذلك الوقت من الحكم بما تضمنه الإنجيل. ثم حذف القول؛ لأن ما قبله من قوله: {وَكَتَبْنَا} [المائدة:٤٥]، {وَقَفَّيْنَا} [المائدة: ٤٦] يدل عليه. وحذف القول كثير كقوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ} [الرعد:٢٣ - ٢٤] (٣).

والثاني: أن يكون قوله: {وَلْيَحْكُمْ} ابتداء أمر للنصارى بالحكم بما في كتابهم (٤).

فإن قيل على هذا: كيف جاز أن يؤمروا بالحكم بما في الإنجيل بعد نزول القرآن؟

قيل: إن أحكام الإنجيل كانت موافقة لأحكام القرآن (٥).

وقيل: إن المراد من هذا الحكم الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان في الإنجيل ذكر وجوب التصديق به، فهذا الأمر راجع إلى ذلك (٦).


(١) وذلك فيما لم ينسخه شرع عيسى، انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٦٤.
(٢) انظر: "الكشاف" ١/ ٣٤٢.
(٣) انظر: "المسائل الحلبيات" ص ٢٤٠، قال أبو علي في آية الرعد: أي يقولون.
(٤) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٦٥، "الحجة" ٣/ ٢٢٨، البغوي في "تفسيره" ٣/ ٦٥، "زاد المسير" ٢/ ٣٦٩.
(٥) ليس هذا على إطلاقه، بل الكثير من الإنجيل، أو الأكثر -خاصة في الفروع- منسوخ بالقرآن. انظر: القرطبي في "تفسيره" ٦/ ٢٠٩.
(٦) انظر: القرطبي في "تفسيره" ٦/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>