للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفاء، وقد ذكرنا مثل هذا فيما تقدم.

وقال الحسن: "غلت أيديهم في نار جهنم على الحقيقة" (١) أي شدت إلى أعناقهم، وتأويله أنهم جوزوا على هذا القول بأن غلت أيديهم في جهنم، قال أبو بكر: ويجوز أن يكون قوله: (غلت أيديهم) دعاءً عليهم، معناه من الله تعالى التعليم لنا، فكأنه عز (٢) ذكره وقفنا على الدعاء عليهم، كما علمنا الاستثناء في غير هذا الموضع حين قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: ٢٧] فجرى الدعاء من الله مجرى الاستثناء منه، وكلاهما توقيف وتأديب، كما علمنا الدعاء على أبي لهب بقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١]، وقد علا وعز أن يكون فوقه مدعو.

وقوله تعالى: {وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}، قال الحسن: عذبوا في الدنيا بالجزية وفي الآخرة بالنار (٣).

وقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، حكى الزجاج عن بعض أهل اللغة أن هذا جواب لليهود، أجيبوا على قدر كلامهم فقيل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}. أي هو جواد ينفق كيف يشاء. انتهى كلامه (٤)، وفي هذا يحتاج إلى شرح وإيضاح، اعلم أن اليد تذكر في اللغة على خمسة أوجه: الجارحة، والنعمة، والقوة، والمِلك، وتحقيق إضافة الفعل (٥)، تقول:


(١) "النكت والعيون" ٢/ ٥١، "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٦، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٩٢، وتفسير الحسن البصري ١/ ٣٣٣.
(٢) في (ج): (عن).
(٣) انظر: "النكت والعيون" ٢/ ٥١، "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٦، "زاد التفسير" ٢/ ٣٩٣.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٠.
(٥) انظر: تهذيب اللغة ٤/ ٣٩٧٥ (يدي).

<<  <  ج: ص:  >  >>