للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهل دينكم، وقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] بهذا المعنى (١)، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء عنه، قال في قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}: يريد يعِظُ بعضكم بعضًا، وينهى بعضكم بعضًا، ويعلّم بعضكم بعضًا ما يقربه إلى الله ويبعده من الشيطان، و {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ} من غيركم، يريد من المشركين وأهل الكتاب، والمنافقين (٢).

الوجه الرابع: أن الآية نازلة في أهل الأهواء, لأنه لا ينفعهم الوعظ ولا يتركون هواهم بالأمر بالمعروف، فإذا رأيتهم أو كنت فيهم فعليك نفسك وذرهم وما اختاروه لأنفسهم، فلن يضرك ضلالهم. وهذا الوجه يروى عن صفوان بن مُحْرِز (٣)، ونحو ذلك قال الضحاك (٤).

والذي ذكرنا من سبب النزول يدل على أن الآية نازلة فيمن لا يؤمر بالمعروف ولا يُنْهى عن المنكر، وهم المنافقون واليهود والنصارى، فأما المسلمون فليسوا من هذا في شيء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب فيما بينهم.

قال أبو عبيد: والذي أذن الله في إقراره والإمساك عن تغييره بقوله: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} إنما هو الشرك الذي ينطق به المعاهدون من أجل أنهم أهل ملل يدينون بها، فأما الفسوق والعصيان والريب من أهل الإِسلام فلا يدخل في هذه الآية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


(١) "تفسير القرطبي" ٦/ ٣٤٤.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) هو صفوان بن مُحْرز المازني البصري، العابد، أحد الأعلام، أخذ عن الصحابة وروى عنه جماعة. كان واعظًا قانتًا، توفي سنة ١٧٤ هـ انظر: "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٢٨٦، "تقريب التهذيب" ص ٢٧٧ (٢٩٤١).
(٤) لم أقف عليه، "تفسير الطبري" ٧/ ٩٧١، "تفسير البغوي" ٣/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>