للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ومن ذهب في هذه الآية إلى أن التي بعد الفاء تكرير للأولى لم يستقم قوله، وذلك أن {مَنْ} لا تخلو من أن [تكون] (١) للجزاء الجازم الذي اللفظ عليه أو [تكون] (٢) موصولة فلا يجوز أن يقدر التكرير مع الموصولة؛ لأنها لو كانت موصولة لبقي المبتدأ بلا خبر ولا يجوز ذلك أيضًا في الجزاء الجازم؛ لأن الشرط يبقى بلا جزاء فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه علي ما ذكرنا من تقدير: فله أو فأمره وتكون الفاء جواب الشرط، وأيضًا فإن ثبات الفاء في قوله {فَأَنَّ لَهُ} يمنع من أن يكون بدلاً، ألا ترى أنه لا يكون بين البدل والمُبدل منه الفاء العاطفة ولا التي للجزاء، فإن جاءت: إنها زائدة بقي الشرط بلا جزاء فلا يجوز إذن تقدير زيادتها هنا وإن جاءت زائدة في غير هذا الموضع) (٣)، وأما من كسرهما جميعًا فعلى مذهب الحكاية كأنه لما قال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} قال: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، ودخلت الفاء جوابًا للجزاء وكُسِرت إن لأنها على ابتداء وخبر، كأنك قلت: فهو {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، إلا إنْ الكلام بإنْ أوكد؛ هذا قول الزجاج (٤).


(١) في (ش): (يكون).
(٢) في (ش): (يكون).
(٣) "الحجة لأبي علي" ٣/ ٣١١ - ٣١٣.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤، وقال شيخ الإِسلام في "الفتاوى" ١٥/ ٢٧٦ - ٢٧٧: (الأحسن في هذا أن يقال: كل واحدة من هاتين الجملتين جملة مركبة مؤكدة، فهما تأكيدان مقصودان لمعنيين مختلفين، ألا ترى تأكيد قوله. {غَفُورٌ رَحِيمٌ} بإن غير تأكيد (مَن عَمِلَ سُوء) له بأن، وهذا ظاهر لا خافاء به، وهو كثير في القرآن وكلام العرب) ا. هـ. ملخصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>