للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتقدير فيه إذا كان مصدرًا: أن يصغروا عند الله، وعلى هذا التأويل لا وجه لتقدير ثابت في الكلام؛ لأن الفعل (١) نفسه يعمل فيه، ألا ترى أنك لو قلت: ضرب زيد خلفك عمرًا (٢) حسن لكان المصدر يعمل في خلفك، ويعمل في عمرو وينتصب به، وكذلك صغار، والمعنى: صغارهم، ولم يضف المصدر إليهم؛ لأن في الكلام دليلًا عليه، كما حُذف المضاف إليه في قوله: {دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصلت: ٤٩] و {بِسُؤَالِ (٣) نَعْجَتِكَ} [ص: ٢٤] هذا إذا جعلت صغارًا مصدرًا، فإن قدرته موصوفًا لم يكن {عِندَ} معمولًا لصغارِ ولكن يكون متعلقَّا بمحذوف، ولابد على هذا من تقدير ثابت ونحوه مما يكون صفة ثم حذف وأقيم الظرف مقامه للدلالة عليه، وهذا كقولك وأنت تريد الصفة: هذا رجل خلفك، فالمعنى: رجل ثابت أو مستقر خلفك، وكلا الوجهين جائز، ولا يجوز على واحد منهما تقديم {عِندَ} على {صَغَارٌ} كما جاز تقدير تقديمه إذا كان معمولًا لسيصيب، إلا أن الوجه الأول من هذين الوجهين أعجب إليّ، وإن كان الثاني حسنًا؛ لأن صغارًا مصدر، والمصادر تعمل أعمال الفعل وتقوم مقامه، فإذا أعملت عمل الفعل وقامت مقامه، لم يحسن وصفه كما لا يحسن وصف الفعل) (٤).


(١) في (أ): (لأن الفعل يعمل نفسه يعمل فيه)، وهو تحريف.
(٢) في (أ): (عمروًا).
(٣) في النسخ: (وسؤال)، وهو تحريف.
(٤) "الإغفال" ص ٩٦٥ - ٦٩٨، وانظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٥٣، و"معاني النحاس" ٢/ ٤٨٤، و"الفريد" ٢/ ٢٢٥، و"الدر المصون" ٥/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>