للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يدل على ذلك أن الريح قد وصفت بالموت كما وصفت بالحياة. قال:

إني لأَرْجُو أَنْ تَمُوتَ الرِّيحُ ... فَأُقْعُدُ اليَوْمَ وأَسْتَرِيحُ (١)

فقوله: {نُشُرًا} جمع: نشُور مثل رَسُول ورُسُل، والنشور بمعنى: المنتشر؛ كالرَّكوب معنى: المركوب، فكأن المعنى: رياح منتشرة، فمن قرأ {الرِّيَاحَ} (٢) بالجمع حسن وصفها بقوله: {نُشُرًا} لأنه وصف الجمع بالجمع، ومن قرأ {الرِّيح} واحدة {نُشُرًا} جمعًا كقراءة ابن كثير، فإنه أراد بالريح الكثرة كقولهم: كثر الدرهم والدينار، والشاء (٣) والبعير، وكقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ٢] ثم قال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}، فلما كان المراد بالريح الجمع وصفها بالجمع، كقول عنترة:

فِيهَا اثْنَتَانِ وأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً ... سُودًا كَخَافِيَةِ الغُرابِ الأَسْحَمِ (٤)


(١) لم أهتد إلى قائله، وهو في "الحجة" لأبي علي ٤/ ٣٦، و"تفسير ابن الجوزي" ٣/ ٢١٧، و"اللسان" ٧/ ٤٢٩٥ (موت) و٧/ ٤٤٢٣ (نشر)، و"البحر المحيط" ٤/ ٣١٧، و"الدر المصون" ٥/ ٣٤٨.
(٢) قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: {الرَّيَاحَ} على التوحيد، وقرأ الباقون: {الرِّيَاحَ} بالجمع، وقرأ عاصم {بُشْرًا} بضم الباء وسكون الشين، وقرأ ابن عامر: {نُشْرًا} بضم النون وسكون الشين، وقرأ حمزة والكسائي: {نَشْرًا} بفتح النون، وسكون الشين، وقرأ الباقون: {نُشُرًا} بضم النون والشين. انظر: "السبعة" ص ٢٨٣، و"المبسوط" ص ١٨١، و"التذكرة" ٢/ ٤٢٠، و"التيسير" ص ١١٠، و"النشر" ٢/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٣) في (أ): (الشاة)، وأصل النص في "الحجة" لأبي علي ٤/ ٢٣ وفيه: الشاء.
(٤) "ديوانه" ص ١٧، و"الحجة" لأبي علي ٤/ ٣٣، و"الدر المصون" ٥/ ٣٥٠، والشاهد من معلقته المشهورة قال النحاس في "شرح المعلقات" ٢/ ١٣ - ١٤: (الحلوبة المحلوبة يستعمل في الواحد والجميع على لفظ واحد، والخوافي أواخر =

<<  <  ج: ص:  >  >>