للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعرضه لها من خلال الآيات التي وردت فيها، فيؤوِّلها، ومذهب السلف في ذلك أنهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الصفات وما أثبته له رسوله دون تأويل أو تحريف أو تعطيل، ولا يلزم من إثباتهم للصفات أي لازم باطل: من تشبيه الله بخلقه أو غير ذلك، فكما أنه سبحانه ليس كمثله شيء فكذلك صفاته.

٢ - فمن الآيات التي تعرض لها قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله في ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [البقرة: ٢١٠]. ذكر الواحدي في تفسيرها وجهين:

أحدهما: أن هذا من باب حذف المضاف، أن يأتيهم عذاب الله، أو أمر الله، أو آيات الله، فجعل مجيء الآيات والعذاب مجيئاً له، تفخيماً لشأن العذاب، وتعظيماً له.

والثاني: المعنى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب، فحذف ما يأتي به تهويلاً عليهم .. (١). وهذا منه -رحمه الله- تأويل وصرف للفظ عن ظاهره، مخالف لما كان عليه السلف الصالح من إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات، من غير تأويل ولا تحريف ولا تشبيه ولا تكييف، وذلك جرياً على مذهب الأشاعرة في تأويك الصفات الخبرية.

٣ - وفي قوله تعالى: {وَهُوَ العَلىُّ العَظِيُم} [البقرة: ٢٥٥] قال: فمعنى العلو في صفة الله تعالى: اقتداره وقهره واستحقاقه صفات المدح (٢). وهذا مخالف لمذهب السلف الذين يثبتون العلو لله بكل أنواعه.


(١) انظر: "البسيط" ٤/ ١٠٠، ١٠١.
(٢) المصدر السابق ٤/ ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>