للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى (١) موسى عليه السلام بأن أسمعه كلامه من غير أن يكون بينهما أحد، فلما سمع كلام الله تعالى {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}) (٢).

قال الزجاج: (المعنى: أرني نفسك انظر إليك) (٣)، وهذا يقطع بأن موسى سأل رؤية الباري، ولو كانت الرؤيا لا تصح في وصفه ما سأل موسى ذلك؛ لأنه كان أعلم بالله من أن يسأله ما يستحيل في وصفه، وليس يحتمل قوله: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} إلا أنه سأله أن يريه نفسه لينظر إليه، وليس يصح أن يقال: إنه سأل أمرًا عظيما على تقدير: أرني أمرًا، أنظر إلى أمرك، ثم حذف المفعول والمضاف؛ لأن سياق الآية يدل على بطلان هذا، وهو قوله: {لَنْ تَرَانِي} {فَسَوْفَ تَرَانِي} {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ}. ولا يجوز أن يحمل جميع هذا على حذف المضاف، ولأنه لو سأل آية وأمرًا لأعطاه الله تعالى ما سأل كما أعطاه سائر الآيات، وأي معنى لإحالته على استقرار الجبل ووقوعه مغشيًا عليه، وتوبته بعد ذلك، هذا كله لا يكون في سؤاله أمرًا وعلامة (٤).

قال أبو إسحاق: (ليس في الكلام دليل على أن موسى أراد أن يرى أمرًا عظيما من أمر الله عز وجل؛ لأن الله تعالى أراه من الآيات ما لا غاية بعده: العصا، واليد، وفرق البحر، فكان يستغنى بما أراه عن أن يطلب أمرًا من أمر الله عز وجل عظيما , ولكنه لما سمع كلام الله تعالى (٥) {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ


(١) لفظ: (تعالى) ساقط من (ب).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٤٩ - ٥٠، وقد أخرجه من طرف جيدة عن السدي وابن إسحاق والربيع بن أنس وانظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٣، والسمرقندي ١/ ٥٦٧.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٣.
(٤) انظر: "بدائع التفسير" ٢/ ٢٦٤ - ٢٦٦.
(٥) لفظ: (تعالى) ساقط من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>