للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبقضائه فإن الله حافظه وناصره؛ لأنه عزيز لا يغلبه شيء، فجاره منيع، ومن يتوكل عليه فهو مكفي، وقال عطاء عنه: {فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} يريد قوي منيع, {حَكِيمٌ} في خلقه يفعل بأعدائه ما شاء من شدة العقاب، وبأوليائه النعيم والسرور (١).

٥٠ - قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} أكثر المفسرين على أن الآية عامة في جميع من قتلوا من المشركين ببدر (٢)، وقال محمد بن إسحاق: نزلت في الذين [ذكروا في الآية الأولى وهم الذين] (٣) تركوا الهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلوا مع المشركين (٤).

وجواب (لو) محذوف بتقدير: لرأيت أمرًا عظيمًا، وأمرًا عجيبًا، وحذف الجواب في القرآن كثير، قد سبق الكلام فيه في مواضع (٥)، والمرئي بقوله: (ترى) مدلول عليه، مفهوم من الكلام؛ لأنه يفهم منه: ولو


(١) لم أقف عليه، وقد ذكره بنحوه في "الوسيط" ٢/ ٤٦٦ من غير نسبة.
(٢) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٢٢ - ٢٣، والبغوي ٣/ ٣٦٨، وابن عطية ٦/ ٤٤٩ - ٣٤٠، وقد رجح ابن كثير ٢/ ٣٥٣ أنها عامة في حق كل كافر.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (س).
(٤) بالمقارنة بما في "السيرة النبوية" يتبين وهم الواحدي رحمه الله في نسبة هذا القول لابن إسحاق، فابن إسحاق ذكر أن هؤلاء المذكورين الذين تركوا الهجرة نزل فيهم قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧]، أما ما يتعلق في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} فقد ذكر أنها عامة في الكفار كلهم حيث قال: ثم ذكر الله تعالى أهل الكفر، وما يلقونه عند موتهم، ووصفهم بصفتهم وأخبر نبيه - صلى الله عليه وسلم - عنهم.
انظر: "السيرة النبوية" ٢/ ٢٨٣.
(٥) انظر مثلاً: "تفسير البسيط" [البقرة: ١٠٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>