للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس: إن الله تعالى يقول لهم يوم القيامة: ألم يأتكم رسلي بكتبي؟ فيقولون: ما أتانا لك رسول ولا كتاب (١)، ثم يؤتى بالرسول فيقول: قد أبلغتهم كتابك، فذلك قوله: {فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (٢).

قال أبو إسحاق: ودليل القول الأول: قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، وقوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: ١٦٥] الآية، أعلم أنه لا يعذب قومًا إلا بعد الإعذار والإنذار، ودليل القول الثاني قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} إلى قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣]، وقوله: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: ٣٠]، أعلَم الله أن كل رسول شاهد على أمته بإيمانهم وكفرهم (٣).

وزاد ابن الأنباري بيانًا ومعنى فقال في القول الأول: ولكل أمة رسول يرسله الله إليهم سفيرًا بينه وبينهم، مبشرًا ومنذرًا، فإذا جاءهم الرسول في الدنيا {قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} أي: حكم عليهم عند اتباعه وعناده (٤) بالمعصية والطاعة والضلالة والهدى (٥)، فالقضاء بالقسط على


(١) في (ح) و (ز): (بكتاب).
(٢) أورده القرطبي في "تفسيره" ٨/ ٣٤٩ بمعناه.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣/ ٢٤ بتصرف بالزيادة وترتيب الجمل، وقد يكون ذلك بسبب اختلاف النسخ، كما أشار إليه الأزهري في "مقدمة التهذيب" ١/ ٢٧.
(٤) في "الوسيط" عند اتباع المؤمنين وعناد الكافرين.
(٥) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٤٩، أشار إليه ابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٣٧ دون تعيين القاتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>