للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ما) في موضع نصب بـ (أنزل) (١)، ومعنى (أنزل) هاهنا: خلق وأنشأ، كقوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦] وقد مرّ، وجاز أن يعبر عن الخلق بالإنزال؛ لأن كل ما في الأرض من رزق فمما أنزل من السماء (٢)، من ضرع وزرع وغيره، فلما كان إيجاده بالإنزال سمي إنزالاً، كقوله:

تعلّى الندى في متنه وتحدرا (٣)

يعني الشحم، سماه ندى؛ لأنه بالندى يكون النبات، وبالنبات يكون الشحم، وقوله تعالى: {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}، قال ابن عباس والحسن


(١) اهـ. كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٥.
(٢) يعني أمر الله تعالى وتقديره، كما في قوله: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: ٢٢]، وهو ظاهر سياق كلام المؤلف، ويجوز أن يكون المراد المطر، قال القرطبي ٨/ ٣٥٥: فيجوز أن يعبر عن الخلق بالإنزال؛ لأن الذي في الأرض من الرزق إنما هو بما ينزل من السماء من المطر.
وانظر نحوه في: "تفسير الرازي" ١٧/ ١١٩، "الدر المصون" ٦/ ٢٢٧.
(٣) عجز بيت وصدره:
كثور العداب الفرد يضربه الندى
والبيت لعمرو بن أحمر الباهلي كما في "ديوانه" ص ٨٤، "أدب الكاتب" ص ٧٦، "الاقتضاب" ص ٣١٩، "لسان العرب" (ندى) ٥/ ٤٣٨٧، والبيت بلا نسبة في: "الصحاح" (ندى)، "تهذيب اللغة" (ندى)، "المخصص" ١٥/ ١٣١.
والعداب: منقطع الرمل ومسترقه، والفرد: منتمطع النظير الذي لا مثيل له في جودته أو عظمته، والندى الأولى: المطر، والثانية: الشحم.
والشاعر يصف ناقته القصواء التي أعدها للهرب عند الخوف، ويقول بأنها صارت كثور وحشي في موقع مخصب بعيد عن الناس. انظر: "الاقتضاب في شرح أدب الكتاب" ص٣١٩، "لسان العرب" (عدب) و (فرد) و (ندي).

<<  <  ج: ص:  >  >>