للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجوز النصب بعد النفي إذا كان ما قبله كلامًا تامًا كقولك ما مر بي أحدٌ إلا زيدًا، [ولا يجوز ما مر بي إلا زيدًا] (١)، قال: وقد قيل إن نصبه علي أن يكون مستثنى من قوله: {فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} على تأويل: لم ينفع قرية آمنت إيمانها إلا قوم يونس، أي: أن الإيمان نفع قوم يونس لما آمنوا.

هذا الذي ذكرنا طريقة المفسرين (٢).

الثاني: وهو طريقة الزجاج، وذكرها ابن الأنباري أيضاً، وهو أن معنى الآية حث على الإيمان حين ينفع الإيمان، يقول (٣): هلا كانت قرية آمنت في وقت ينفعهم الإيمان.

وهذا تبكيت لفرعون؛ لأنه آمن لما أدركه الغرق فلم ينفعه، يدل على صحة هذا المعنى أن هذه الآية ذكرت عقيب قصته، وعلى هذا (لولا) يكون على ما هو موضوع له.

وقوله تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ}، قال الزجاج: وقوم يونس -والله أعلم- لم يقع بهم العذاب، إنما رأوا الآية التي تدل على العذاب فلما آمنوا كشف عنهم، ومثل ذلك العليل الذي يتوب في مرضه وهو يرجو في مرضه العافية ويخاف (٤) الموت فتوبته صحيحة.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (م).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٧٩، "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٧٠ - ١٧٢، والسمرقندي ٢/ ١١١، والثعلبي ٧/ ٢٨ ب، والبغوي ٤/ ١٥١.
(٣) يعني الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٣٤، ولم أقف على قول ابن الأنباري.
(٤) في "معاني القرآن وإعرابه" المطبوع: ولا يخاف، والصحيح ما أثبته المؤلف، بل إن توبة المريض صحيحة ولو لم يرج العافية، ما لم يغرغر وتبلغ روحه حلقومه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>