للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكن الله ليجعل خائنة الفرج لأحد من أنبيائه، وإنما خيانتهما الكفر، قال أبو بكر ابن الأنباري: وهذا أولى من الأخذ بتأويلٍ فيه رميُ زوج نبي بالفاحشة، ومتى وجدنا سبيلا إلى تطهير حرم الأنبياء لم نعدل عن ذلك إلى وصفهن بما يسمج، وهذا أيضًا مذهب ابن مسعود (١): فقد قال: إنه ابنه، ولم يبتل الله -عزوجل - نبيا في أهله بمثل هذه البلوى.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}، يجوز أن تكون الهاء راجعة على السؤال، والمعنى: إن سؤالك إياي أنجي كافرًا، عمل غير صالح؛ لأنه قد تقدم دليل السؤال في قوله: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي}، ويجوز أن تكون الهاء راجعة على ابن نوح، ويكون التقدير: إن ابنك ذو عمل أو صاحب عمل غير صالح، فحذف المضاف كما قالت الخنساء:

..... فإنما هي إقبال وإدبار (٢)

وهذا الذي ذكرنا قول أبي إسحاق (٣)، وأبي بكر (٤)، وأبي علي (٥)؛ قال أبو علي: ويجوز أن يكون ابن نوح جعل عملًا غير صالح، كما يجعل الشيء لكثرة ذلك منه، كقولهم: الشعر زهير، فعلى هذا لا حذف، ومن ذهب إلى أنه كان لزنية، قال: معنى قوله: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} أنه ولد زنى (٦)، والمفسرون على القول الأول؛ أن المعنى أن سؤالك ما ليس لك


(١) لم أجده في مظانه.
(٢) تقدم تخريج البيت في سورة البقرة: ١٧٧.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٥.
(٤) "زاد المسير" ٤/ ١١٤.
(٥) "الحجة" ٤/ ٣٤٢.
(٦) وممن قال بهذا الحسن كما في الطبري ١٢/ ٥٣، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>