للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كسرتها إلى السين، قال عامة أهل التأويل (١): إنما سيء بهم لوط؛ لأنه لما نظر من حسن وجوههم، وطيب روائحهم، أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بما يقصدون به غيرهم من المطالبة بالفعل الخبيث، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن (٢) أضيافه.

وقوله تعالى: {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا}، قال الأزهري (٣): الذرع يوضع موضع الطاقة، والأصل فيه أن يذرع البعير بيديه في سيرة ذرعًا على قدر سعة خطوه، فإذا حمل على أكثر من طوقه ضاق ذَرْعُهُ عن ذلك فضعف ومد عنقه، فجُعِلَ ضيق الذرع عبارةً عن ضيق الوسع والطاقة،، فيقال: ما لي به ذرع ولا ذراع، أي: ما لي به طاقة، الدليل على صحة هذا أنهم يجعلون الذراع في موضع الذرع فيقولون ضقت بالأمر ذراعًا، قال القطامي (٤):

إذا التَّيَّازُ ذو العضلات قُلْنا ... إليكَ إليكَ ضاق بها ذراعًا

فمعنى ضاق بهم ذرعا: ضاق صبره وعظم المكروه عليه، وقال أبو إسحاق (٥) يقال: ضاق زيد بأمره ذرعًا: إذا لم يجد من المكروه في ذلك الأمر مخلصًا، ولم أر أحدًا ذكر في أصل الذرع أحسن مما ذكره الأزهري، وغيره (٦) يقول: ضاق ذرعًا أي: ضاق بهم صدرًا، وليس يعرف


(١) الطبري ١٢/ ٨١، البغوي ٤/ ١٩٠، ابن عطية ٧/ ٣٥٧، "زاد المسير" ٤/ ١٣٥.
(٢) في (ب): (علي).
(٣) "تهذيب اللغة" (ذرع) ٢/ ١٢٧٨.
(٤) "ديوانه" ص ٤٤، و"معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٥٦، و"اللسان" (ت ى ز).
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٦٦.
(٦) القرطبي ٩/ ٧٤، الثعلبي ٧/ ٥٠ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>