للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تامًّا أشبه الفواصل فحسن الحذف له.

الضرب الثاني: أن يكون قوله: {لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} صفة اليوم المضاف إلى {يَأْتِ}؛ لأن اليوم في (يوم يأتي) مضاف إلى الفعل، والفعل نكرة، فإذا كان كذلك لم يمتنع أن يوسف به اليوم، كما يوسف النكرة بالجملة من الفعل والفاعل، والمعنى: لا تكلم فيه نفس، فحذف فيه أو حذف الحرف وأوصل الفعل إلى المفعول به، ثم حذف الضمير من الفعل الذي هو صفته، كما يحذف من الصلة، ومثل ذلك قولهم: الناس رجلان رجل أكرمت ورجل أهنت.

وعلى هذا أيضًا لا يمتنع حذف الياء من في {يَأْتِ}؛ لأن الصفة قد يستغني عنها الموصوف كما أن الحال كذلك، إلا أن من الصفات ما لا يحسن أن يحذف فيصير لذلك أشبه بغير الكلام التام، فأما إثبات الياء في الوصل والوقف وإسقاطها؛ فمن أثبتها في الوصل فهو القياس البين؛ لأنه لا شيء يوجب حذف الياء إذا وصل، وأما من حذف في الوقف فلأنها -وإن لم تكن فاصلة- أمكن أن تشبه بالفاصلة قياسا عليها؛ لأن هذه الياء تشبه الحركة؛ لأن الجازم يسقطها كما يسقط الحركة، فكما أن الحركة تحذف في الوقف، فكذلك ما أشبهها، ومن وقف بالياء فهو حسن؛ لأنها أكثر من الحركة في الصوت، فلا ينبغي إذا حذفت الحركة للوقف أن تحذف الياء له، كما لا تحذف سائر الحروف، ويدل على أن الياء (١) تنزل عندهم منزلة سائر الحروف تقديرُهم الحركة فيها في نحو (٢):


(١) في (ب): (تترك).
(٢) صدر بيت لقيس بن زهير العبسي، وعجزه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>