للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجيء {لَمَّا} هو في قولك: نشدتك الله لما فعلمت وإلا فعلت؛ فقال الخليل: الوجه لتفعلن كما تقول أقسمت عليك لتفعلن، وأما دخول إلا ولما فلأن المعنى الطلب، فكأنه أراد ما أسألك إلا فعل كذا فلم يذكر حرف النفي في اللفظ وإن كان مرادًا [كما كان مرادًا] (١) في قولهم (٢) شرٌّ ما أَهَرَّ ذا ناب، أي ما أهره إلا شرٌ، وليس في الآية معنى نفي ولا طلب، وهذا إنما كان يحسن {إِنَّ} لو خففت فخفف {إِنَّ} ورفع {كُلًّا} بعدها ثم ثقل {لَمَّا}، فكان يجوز تثقيل {لَمَّا} على أن يكون المعنى: ما كل إلا ليوفينهم، فيكون ذلك كقوله {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: ٣٥] فأما تثقل {لمَّا} مع النصب في (كل) فلا وجه له.

وهذا كله في إبطال ما أجازه الزجاج في تشديد {لمَّا}؛ قال (٣): وأما قول الفراء: المعنى (لمن ما) فادعم النون في الميم بعد ما قلبها ميمًا ثم حذفت إحدى (٤) الميمات، فإن ذلك لا يسوغ، ألا ترى أن في هذه السورة مميات أكثر مما اجتمعن في (لمن ما) ولم يحذف منها شيء، وذلك في قوله {وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} [هود: ٤٨] فإذا لم يحذف شيء من هذا فلأن لا تحذف ثَمَّ أجدر، وقد قرئ {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} بالتنوين، والمعنى (٥) أن كلا جميعًا ليوفينهم، ومعنى اللم: الجمع فوصف بالمصدر


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) مثل عربي، انظر: "الإيضاح في علوم البلاغة" للخطيب القزويني ٢/ ٤٨، "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري ٢/ ١٣٠.
(٣) أي: أبو علي؛ انظر: "الحجة" ٤/ ٣٨٧، بتصرف.
(٤) ساقط من (ب).
(٥) في (ب). (ومعنى).

<<  <  ج: ص:  >  >>