للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو بكر (١): تقديم جواب لولا عليها شاذ يستكره، وغير موجود في الفصيح من الكلام، وأما البيت فإنه من اضطرار الشعر، ولا ينبغي أن يحمل كتاب الله تعالى النازل بأفصح اللغات على بيت شعر دعت شاعره ضرورةٌ إلى تقديم ما هو مؤخر في النية، مما لو كان متكلمًا بنثر لم يستجز تقدمته، على أنا نقول: جواب لأن يتقدم عليها لأن مجراه مجرى اليمين، فلما صلح إتيان القسم بعد المقسم عليه في قولهم: يقوم زيد والله، حملت لئن على القسم فأخرت بعد جوابها، و (لولا) ليست قسمًا ولا مشبهة بالأقسام فسبق جوابها بعيد مُسْتَسْمج.

قال أبو إسحاق (٢): والذي عليه المفسرون أنه هم بها، وأنه جلس منها مجلس الرجل من المرأة، إلا أن الله تفضل بأن أراه البرهان، ألا تراه قال: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} الآية، يعني بهذا ما روي أن يوسف لما دخل على الملك، وأقرت المرأة بقولها: {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ}، وقال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}، قال له جبريل: ولا حين هممت بها يا يوسف؟، فقال يوسف عند ذلك: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} (٣) الآية.

وقال أبو بكر (٤): والذي نذهب إليه في هذه الآية ما يروى عن الصحابة والتابعين من تثبيت الهم ليوسف غير عائبين له ولا طاعنين، بل نقول: إن انصرافه بعد ثبات الهم وحل السراويل، وجلوسه من المرأة


(١) "زاد المسير" ٤/ ٢٠٦.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠١.
(٣) أخرجه الفريابي والطبري ٤/ ٤٢ - ٤٣، وابن المنذر وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٥٨، وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب كما في "الدر" ٤/ ٤٢ - ٤٣.
(٤) "الأضداد" ٤١١ - ٤١٤، و"الوقف والابتداء" ٢/ ٧٢٠ - ٧٢١، و"زاد المسير" ٤/ ٢٠٣ - ٢٠٧، والقرطبي ٩/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>