للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجلس الرجل، تعظيمًا لله ومعرفة لحقه، أدل على محافظته على مذهب آبائه، وعلي وفور الثواب وتكامل الأجر له عند إيثار الطاعة على اللذة؛ لأنه انكشف عن المرأة في الحال التي لا ينكشف فيها إلا بَرٌّ مخلص، فكان انكشافه وصبره ماحيًا عنه سيئة الهم، وموجبًا له حسنات مضاعفات بالحديث الصحيح الذي روي في حديث الغار (١) وهو أن ثلاثة لجأوا إلى غار، فانطبق عليهم، فذكر كلُّ رجل أفضل عمله، فذكر أحدهم أنه قام عن امرأة بعد ما قدر عليها، ففرج الله عنهم، والحديث طويل معروف، فدلَّ أن الهم بالزنا إذا أتبعه الانصراف بعد القدرة عليه، لم يكن من الفواحش ولا من الكبائر، مع أن الذين ثبتوا (٢) الهم ليوسف من علي، وابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، ووهب، وابن سيرين، والحسن، وقتادة، والكلبي (٣) وغيرهم كانوا أعرف بحقوق الأنبياء وارتفاع منازلهم عند الله من الذين نفوا الهم عنه، وقد قال الحسن (٤): إن الله لم يقصص عليكم ذنوب الأنبياء تعييرًا لهم، ولكنه قصها عليكم لئلا تقنطوا من رحمته وتيأسوا من فضله.

قال أبو عبيد (٥): يذهب الحسن إلى أن الحجة من الله عزّ وجلّ على أنبيائه أوكد وهي لهم ألزم، فإذا كان يقبل التوبة منهم كان إلى قبولها منكم أسرع.


(١) أخرجه البخاري (٣٤٦٥)، كتاب: الأنبياء، باب. حديث الغار، وأخرجه مسلم (٢٧٤٣) في كتاب: الرقاق، باب: قصة أصحاب الغار.
(٢) في (ب): (بينو).
(٣) (الكلبي): ساقط من (ج).
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٢٠٧، البغوي ٤/ ٢٣١، القرطبي ٩/ ١٦٧.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>