للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٥ - قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} الاستباق (١) طلب السبق إلى الشيء، ومعناه: تبادر إلى الباب يجتهد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه، فإن سبق يوسف المرأة فتح الباب وخرج، وإن سبقت المرأة أمسكت الباب (٢)، [لئلا يخرج، فالاستباق هنا بمعنى المبادرة، قال أبو إسحاق: أي سبق إلى الباب] (٣).

قال المفسرون (٤): إن يوسف لما رأى البرهان قام مبادرًا إلى الباب هاربًا مما أراد به، واتبعته المرأة تبغي حبسه والتشبث به، فلم تصل إلا إلى دبر القميص فقدته، ووجدا قطفير عند الباب، فحضرها في ذلك الوقت كيد لما فاجأت سيدها لدى الباب، فقالت مُبرئةً نفسها من الأمر، وملزمة يوسف الذنب، وموهمة زوجها أن الذي سمع من العَدْو والمبادرة إلى الباب والهرب كان منها لا من يوسف {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} الآية، فذلك قوله {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ} أي: قطعته طولاً، ومعنى القد في اللغة (٥): قطع الجلد وشق الثوب ونحو ذلك، وشيء حسن النقد، أي: حسن التقطيع.

وقوله تعالى: {مِنْ دُبُرٍ} أي من جهة الخلف، قال ابن الأنباري: المعنى من دبر القميص، وكان معنى القميص معروفًا، فأوثر التخفيف، قال ابن عباس (٦): وشقت قميصه من خلفه.


(١) "تهذيب اللغة" (سبق) ٢/ ١٦٢٠.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠٢.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٤) الثعلبي ٧/ ٧٦ ب، البغوي ٤/ ٢٣٤، و"زاد المسير" ٤/ ٢١١.
(٥) "تهذيب اللغة" (قدد) ٣/ ٢٨٩٥، و"اللسان" (قدد) ٦/ ٣٥٤٣.
(٦) الثعلبي ٧/ ٧٦ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>