للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣١ - قوله تعالى {فَلَمَّا سَمِعَتْ} يعني زليخا {بِمَكْرِهِنَّ} قال ابن عباس: يريد مقالتهن (١)، وقال قتادة والسدي (٢): بقولهن وحديثهن، فإن قيل: لم سمي قولهن مكرًا؟ فالجواب عن ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق (٣)، وهو أن قال: إن النسوة قلن ما قلنه استدعاء لرؤية يوسف والنظر إلى وجهه، فعبنها بحبها يوسف لتريهن يوسف، وكان يوصف لهن حسنه وجماله، فلما كان هذا القول منهن طمعًا في أن يكون سببًا لمشاهدة يوسف، سمي مكرًا، لِمَا خالف ظاهرُه باطنه، وذلك أنهن قدرن أن هذا القول إذا اتصل بها أبرزت لهن يوسف ليعذرنها، ويزلن العيب عنها.

وقال الزجاج (٤) وابن الأنباري (٥): إن امرأة العزيز كانت أسَرَّت إليهن وَجْدها بيوسف واستكتمتهن شأنها، فلما غدرن بها وأظهرن سرها كان ذلك منهن مكرًا، فلما سمعت بما فعلن أرادت أن توقعهن فيما وقعت فيه، {أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ}، قال وهب (٦): اتخذت مأدبة ودعت أربعين امرأة، منهن هؤلاء اللاتي عيرنها.

وقوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ} أي أعدت، ومضى الكلام فيه مستقصى (٧)


(١) "زاد المسير" ٤/ ٢١٥.
(٢) الطبري ١٢/ ٢٠١، الثعلبي ٧/ ٧٨ أ، البغوي ٤/ ٢٣٦.
(٣) الطبري ١٢/ ٢٠١، الثعلبي ٧/ ٧٨ أ، "زاد المسير" ٤/ ٢١٥.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠٥.
(٥) الرازي ١٨/ ١٢٦.
(٦) الثعلبي ٧/ ٧٨ ب، البغوي ٤/ ٢٣٧، القرطبي ٩/ ١٧٨.
(٧) عند قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٨]، وقال ما ملخصه: اعتدت الشيء فهو عتيد ومعتد، وقد عتد الشيء عتادة وهو عتيد حاضر، وعتد بتاء أصل على حدة، وقيل: الأصل أعدد من عين ودالين ثم قلبت إحدى الدالين تأء.

<<  <  ج: ص:  >  >>