للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على المجاز، قال: والأول هو الأثبت، لموافقته مذاهب العرب، ومشاكلته ألفاظًا من القرآن، وأكثر المفسرين على أنهم ما عرفوا حقيقة الحال فنسبوا إليه السرق، على ما رأوه من ظاهر الأمر، ولهذا قالوا: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}، قال ابن عباس (١): يريد بما ظهر.

قال ابن إسحاق (٢): معناه: ما قلنا أنه سرق إلا بما علمنا؛ لأنه وجدت السرقة في رحله ونحن ننظر.

قال أبو علي الفارسي (٣): شهد الذي يراد به علم هو ضرب من العلم مخصوص، وكل شهادة علم، وليس كل علم شهادة، ومما يدل على اختصاصه أنه لو قال عند الحاكم: أعلم أن لزيد على عمرو عشرة، لم يحكم به حتى يقول: أشهد، فالشهادة مثل التيقن في أنه ضرب من العلم مخصوص، فليس كل علم تيقنًا، وإن كان كل تيقن علمًا.

وذكرنا حقيقة التيقن عند قوله: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (٤) فمعنى أشهد على كذا: أعلمه علمًا بحصري، وقد تذلل لي التوقف عنه ولا أثبت لوضوحه عندي، ويدل على أن الشهادة يراد بها المعنى الزائد على العلم قوله: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} وليس يتجه حمله على هذا، فعلم أن معناه ما ذكرناه، وشهد في هذا الوجه يتعدَّى بحرف جر، فتارةً يكون بالباء


(١) "زاد المسير" ٤/ ٢٦٧.
(٢) الطبري ١٣/ ٣٦، الثعلبي ٧/ ١٠٢ أ.
(٣) "الحجة" ٦/ ١٤٣، ١٤٤، وانظر: ١/ ٢٥٦ - ٢٦٤.
(٤) الأنعام: ٧٥ وخلاصة ما ذكره هنالك ما نقله عن أبي علي الفارسي "أن التيقن: ضرب من العلم مخصوص فكل علم ليس تيقنًا، وإن كل تيقن علمًا. لأن التيقن هو العلم الذي قد كان عرضر لعالمه إشكال فيه" تفسير البسيط، تحقيق: د. الفايز، ص ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>