للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يهدي من يشاء.

قال أبو بكر (١): وجواب (لو) محذوف على تقدير وما أكثر الناس بمؤمنين، ولو حرصت على إيمانهم ما آمنوا، ولا يجوز أن يكون جواب (لو) مقدمًا عليها، من قال: لو قمت قمت، لا يقول: قمت لو قمت؛ لأن جواب لو مبني على التأخير. وقال الفراء في المصادر (٢): يقال حرص يحرَص حرصًا، ولغة أخرى قليلة: حرِص يحرِص حرصًا، ومعنى الحرص: طلب الشيء باجتهاد.

١٠٤ - قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} قال أبو إسحاق (٣): وما تسألهم على القرآن وتلاوته وهدايتك إياهم من أجر.

قال ابن عباس (٤): من مال يعطونك، {إِنْ هُوَ} أي: ما هو {إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}، إلا تذكرة لهم بما هو صلاحهم ونجاتهم من النار، والمعنى: إنا أنزلنا القرآن تذكرة للعالمين، وبعثناك مبلغًا بلا أجر؛ لئلا يمتنعوا من الإجابة لما يلزمهم من الأجر، فيكون أقرب إلى تصديقهم، وهذه الآية تأكيد للأولى؛ لأنه لما ذكر في الأولى أنه لا يؤمن إلا من شاء الله، وإن حرص النبي على ذلك، ذكر في هذه الثانية أنه أزاح العلة في التكذيب برفع الأجر، وانزال القرآن تذكرة وعظة، غير أنه مع هذا كله لا يؤمن إلا من يهديه الله وأراد إيمانه.


(١) "الدر المصون" ٦/ ٥٦٠.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (حرص) ١/ ٧٨٦، و"اللسان" (حرص) ٢/ ٨٣٥.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٠.
(٤) "تنوير المقباس" ص ١٥٤ بنحوه، وابن أبي حاتم ٧/ ٢٢٠٧ بلفظ: عرضًا من عرض الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>