للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى على تفسيرهم، أي أن المعنى يؤول إلى ما ذكروا؛ لأن العلم بالشيء يوجب اليأس من خلافه. ويدل على أن المراد هاهنا العلم، ما روي أن ابن عباس كان يقرأ (١): (أفلم تيأس الذين آمنوا)، فقيل له: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس، يريد أنه كان في الخط بتاءين، فزاد الكاتب سينة واحدة فصار (ييئس) فقرئ ييس.


(١) في الطبري ١٣/ ١٥٤ أن ابن عباس كان يقرؤها (أفلم يتبين) ... إلخ، وأخرجه ابن الأنباري في المصاحف كما في "الدر" ٤/ ٦٥٣.
وقد روى الطبري ١٣/ ١٥٤ عن علي نحوه. وقد علق الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- على هذا الأثر وبين صحة إسناده. وأخبر أنه كتب رسالة مستقلة حول هذا الأثر المشكل وأشباهه.
وانظر الثعلبي ٧/ ١٣٨ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣١، والقرطبي ٩/ ٣٢٠ وعلق بقوله: وهو باطل عن ابن عباس؛ لأن مجاهدًا وسعيد بن جبير حكيا الحرف عن ابن عباس على ما هو في المصحف بقراءة أبي عمرو، وروايته عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس، ثم إن معناه: أفلم يتبين، فإن كان مراد الله تحت اللفظة التي خالفوا بها الإجماع فقراءتنا تقع عليها، وتأتي بتأويلها، وإن أراد الله المعنى الآخر الذي اليأس فيه ليس من طريق العلم فقد سقط مما أوردوا. اهـ.
وقال أبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ٣٩٣: وهذه القراءة ليس قراءة تفسير لقوله {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} كما يدل عليه ظاهر كلام الزمخشري، بل هي قراءة مسندة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وليست مخالفه للسواد، إذ كتبوا (ييئس) بغير صورة الهمزة، وهذه كقراءة فتبينوا وفتثبتوا، وكلتاهما في السبعة، وأما قول من قال: إنما كتبه الكاتب وهو ناعس فسوق أسنان السين فقول زنديق ملحد. اهـ.
وقال الزمخشري في "كشافه" ٢/ ٣٦٠: وهذا ونحوه مما لا يصدق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتًا بين دفتي الإمام، وكان متقلبًا في أيدي أولئك الأعلام المحتاطين في دين الله المهيمنين عليه، لا يغفلون عن جلائله ودقائقه، خصوصًا عن القانون الذي إليه المرجع والقاعدة التي عليها البناء، هذه والله فرية ما فيها مرية. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>