للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٦ - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآية. قال المفسرون (١): إن عبد الله بن سلام والذين آمنوا معه من أهل الكتاب، ساءهم قلة ذكر الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التوراة، فأنزل الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} ففرح بذلك مؤمنو أهل الكتاب، وكفر المشركون بالرحمن، وقالوا: ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، فأنزل الله هذه الآية.

وقوله تعالى: {وَمِنَ الْأَحْزَابِ} يعني: الكفار الذين تحزبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، {مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} يعني ذكر الرحمن، وهم كانوا ينكرون جميع ما ينزل عليه؛ إلا أن إنكارهم لهذا أشدة لأنهم كانوا يعرفون اسم الله فلا ينكرون ذكره، وأنكروا ذكر الرحمن فذلك قوله: {وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} وهذا الذي ذكرنا معنى قول ابن عباس (٢) في رواية الوالبي.

٣٧ - قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا} شبه إلْزاله حكمًا عربيًّا بما أنزل إلى من تقدم من الأنبياء، أي كما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلسانهم، كذلك أنزلنا إليك القرآن، والكناية في قوله: {أَنْزَلْنَاهُ} تعود إلى ما في قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يعني القرآن.

وقوله تعالى (٣): {حُكْمًا عَرَبِيًّا} قال ابن عباس (٤): يريد ما حكم عن الفرائض في القرآن، فعلى هذا يريد أحكام القرآن، وجعله عربيًّا؛ لأنه جار على مذاهب العرب في كلامها.


(١) الثعلبي ٧/ ١٣٩ ب، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣٥، والقرطبي ٩/ ٣٢٦.
(٢) "تنوير المقباس" ص ١٥٩.
(٣) (تعالى) ساقط من (ب).
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٣٣٦ قال: يريد ما فيه من الفرائض.

<<  <  ج: ص:  >  >>