للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا بإذن الله (١) ربهم، لا على تحكم العباد بأهوائهم.

وقوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} أي لكل أجل قدَّره الله تعالى، ولكل أمر قضاه الله كتاب أثبت فيه، فلا يكون آية إلا بأجل قد قضاه الله في كتاب، والمعنى: لأجل كل أمر ووقته كتابة مثبتة، لا يتقدم ذلك الأمر على وقته الذي كتب له ولا يتأخر عنه، هذا معنى قول أكثر المفسرين (٢)، وقال الفراء (٣): جاء التفسير لكل كتاب أجل مؤجل ووقت معلوم، وعنده أن هذا من المقلوب، والمعنى فيهما واحد، وهذا مذهب مقاتل (٤).

٣٩ - قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} الآية، المحو (٥) ذهاب أثر الكتابة، يقال: محاه يمحو ويمحاه أيضًا محوًا، وطيئ تقول: محيته محيًا، وأمحى الشيء وامتحى، إذا ذهب أثره.

وقوله تعالى: {وَيُثْبِتُ} قال النحويون (٦) أراد ويثبته. واستغنى بتعدية الأول من الفعلين عن تعدية الثاني، والعرب تفعل ذلك كثيراً، كقوله تعالى


(١) لفظ الجلالة ساقط من (ب).
(٢) الطبري ١٣/ ١٦٥، الثعلبي ٧/ ١٤٠ ب، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣٧، القرطبي ٩/ ٣٢٨.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٦٥.
(٤) "تفسير مقاتل" (١٩٢أ). وإلى هذا القول ذهب الضحاك فيما روى عنه الطبري ١٣/ ١٦٥.
وقد تعقب هذا القول أبو حيان فقال: ولا يجوز ادعاء القلب إلا في ضرورة الشعر، وأما هنا فالمعنى في غاية الصحة بلا عكس ولا قلب، بل ادعاء القلب هنا لا يصح المعنى عليه، إذ ثم أشياء كتبها الله تعالى أزلية، كالجنة ونعيم أهلها لا أجل لها. اهـ. "البحر المحيط" ٥/ ٣٩٧.
(٥) "تهذيب اللغة" (محا) ٤/ ٣٣٤٧.
(٦) "الحجة" ٥/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>