للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطفة (١) اليسيرة، وذلك أن المارد من الشيطان يعلو فيُرمَى بالشهاب؛ فتُصيب جبهته أو جبينه أو حيث شاء الله منه فيحرقه ولا يقتله، ومنهم من يُخَبِّله فيصير غُولًا يُضل الناسَ في البراري (٢).

وقوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُ} ذكرنا معناه عند قوله: {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: ١٧٥] ومعناه لحقه، والشهاب شعلة نار ساطع، ثم يُسمى الكوكبُ شهابًا والسنانُ شهابا؛ لبريقهما يُشبّهان بالنار، قال ابن عباس في قوله: {شِهَابٌ مُبِينٌ} يريد نارًا تَبِيْن لأهل الأرض، قال المفسرون: إن الشهاب لا يخطئه أبدًا وأنهم ليُرْمَون، فإذا توارى عنكم فقد أدركه (٣).

وقال أبو إسحاق: هذا من آيات النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومما حدث بعد مولده؛ لأن الشعراء قبله لم يذكروا هذا في أشعارهم، ولم يشبهوا الشيء السريع به (٤) كما شبهوا بالبرق وبالسيل، ولم يوجد في أشعارهم بيت واحد فيه (٥) ذكر الكواكب المُنْقضَّة (٦)، وقال أصحاب المعاني: إن الله تعالى سمَّى ما تُرجم به الشياطين شهابًا، وهو في اللغة النار الساطعة (٧) ونحن في رأي


(١) في (أ)، (د): (الحفظة)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح.
(٢) أخرجه الطبري ١٥/ ١٤ مختصراً، من طريق الضحاك عن ابن عباس منقطعة، وورد في تفسير الماوردي ٣/ ١٥٣ مختصراً، و"تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٩٢، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١، والخازن ٣/ ٩١.
(٣) ورد في تفسير الثعلبي ٢/ ١٤٦ أبنحوه.
(٤) (به) ساقط من (أ)، (د) ويقتضيها السياق.
(٥) في جميع النسخ: (فيها) والصواب ما أثبته؛ لأن الضمير يعود إلى البيت وهو مذكر.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٦ بنحوه.
(٧) انظر: (شهب) في: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٤٢، "المحيط في اللغة" ٣/ ٣٩٥، "الصحاح" ١/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>