للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسلامُ الإلهِ يَغْدو (١) عليهمْ ... وفُيوءُ الفرْدَوْسِ ذاتُ الظِّلالِ (٢)

فهذا الشعر قد أوقع فيه الفيء على ما لم تنسخه الشمس، وجمعه على فيوء؛ مثل بيت وبيوت؛ لأن ما في الجنة يكون ظلًّا ولا يكون فيئًا؛ لأن ضياء الشمس لم تنسخه، ففاء بعد النسخ، وأكثر ما تقول العرب في جمعٍ (٣) أفياء؛ وهو للعدد القليل، وفيوء؛ للكثير كالبيوت والعيون.

وقوله تعالى: {ظِلَالُهُ} أضاف الظلال إلى مفرد، ومعناه الإضافة إلى ذوي الظلال؛ لأن الذي يعود إليه الضمير واحدٌ يدل على الكثرة، وهو قوله: {إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ}، وهذا مثل: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: ١٣] , فأضاف الظهور، وهو جمع، إلى ضمير مفرد؛ لأنه يعود إلى واحدٍ يُرادُ به الكثرة، وهو قوله: {مَا تَرْكَبُونَ} (٤) [الزخرف: ١٢].

وأما قول المفسرين في: (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ) قال ابن عباس: يتميل (٥)، وهو معنى وليس بتفسير؛ لأنه إذا قرن بقوله: {عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} صار المعنى: أنه يتميل عن الجوانب، ومعنى تفيؤ الظلال: أن يعود الظل بعد نسخ الشمس إياه، وأما معنى تفيؤها عن اليمين والشمائل (فهو أن يكون


(١) في جميع النسخ: بعد، والصحيح المثبت لموافقته للمصادر وإفادته للمعنى.
(٢) "شعر النابغة" الجعدي ص ٢٣١، وورد في "النوادر في اللغة" ص٢٢٠، و"تفسير ابن عطية" ٨/ ٤٣١، والفخر الرازي ٢٠/ ٤١، و"اللسان" (ظلل) ٥/ ٢٧٥٣.
(٣) الأولى (في الجمع)، أو (في جمع فيء) ولعل (فيء) ساقطة.
(٤) "الحجة للقراء" ٥/ ٦٧ - ٧٠ نقل طويل تصرف فيه بالحذف والإضافة، والتقديم والتأخير، والتهذيب والاختصار، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٤٠، نقله بطوله عن الواحدي بتصرف يسير مع نسبته.
(٥) ورد في "تفسير الطوسى" ٦/ ٣٨٧, بلفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>