للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الكافر لا يعمل بطاعة الله ولا ينفق خيرًا، {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا} هو المؤمن يطيع الله في نفسه وماله (١)، فعلى هذا القول: الكافر لمَّا لم ينفق في طاعة الله صار كالعبد الذي لا يملك شيئًا، والمؤمن ينفق في الخير وفي طاعة الله، فليسا يستويان، كذلك قال الله تعالى: {هَلْ يَسْتَوُونَ} وجمع الفعل؛ لأن المراد بقوله: {عَبْدًا مَمْلُوكًا}، وقوله تعالى: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا}، الشُّيوع في الجنس لا التخصيص (٢).


= مردويه وابن عساكر وليس لتخصص الآية بهما داع، بل الآية عامة، وكفى بتضارب الأقوال المُعَيِّنة دليلاً على عدم التعيين، وقد أشار الواحدي رحمه الله إلى التعميم بقوله: المراد بقوله: {عَبْدًا مَمْلُوكًا}، وقوله تعالى: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا}، الشُّيوع في الجنس لا التخصيص، وقد ردّ الجصاص هذا التخصيص بأمرين: بضعف الحديث الوارد، وبظاهر اللفظ؛ فقال: وظاهر اللفظ ينفيها؛ لأنه لو أراد عبداً بعينه لعرَّفه ولم يذكره بلفظ منكور، وأيضًا معلوم أن الخطاب في ذكر عبدة الأوثان والاحتجاج عليهم ... إلخ. انظره في: "تفسيره" ٣/ ١٨٧، وهو كلام نفيس في الردّ على تخصيص هذا المثل والذي يليه، وانظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ٤٧٦، والفخر الرازي ٢٠/ ٨٤، وأبي حيان ٥/ ٥١٩.
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢/ ٣٥٩) بنصه، والطبري ١٤/ ١٥٠ - ١٥١ من طريقين بنصه وبنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٩٢، بمعناه، و"تفسير الطوسي" ٦/ ٤٠٨، بمعناه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٧٢، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٤٧، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٣٤ - ٢٣٥، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم. والغريب أن لابن عباس قولاً مثله -حتى إن كثيرًا من المفسرين نسبوا القول إليهما، بل إن بعضهم اكتفى بنسبته إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- ومع ذلك لم يذكره واكتفى بنسبته لقتادة.
(٢) قال الثعلبي: {هَلْ يَسْتَوُونَ} ولم يقل: هل يستويان؛ لمكان (مَنْ) لأنه اسم مبهم يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمونث."تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٠ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>