للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال صاحب النظم في هذه الآية: أعلم الله أن الذي يفتري الكذب هو الذي لا يؤمن بآيات الله، ثم عطف على هذا قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} وفائدة ذلك؛ أن قوله: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ} فِعْلٌ وليس بنعت، وقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} نعتٌ، والفعل قد يكون لازمًا وقد لا يكون، والنعت (١) لا يكون إلا دائمًا، يبين هذا أنه تعالى قال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: ١٢١]، ولا يجوز أن يقال: إن آدم عاصٍ وغاوٍ؛ لأن النعت أبلغ من الفعل، ولهذا قال الله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} أي أن هذا نعت لازم لهم وعادة من عاداتهم، لا فِعْلٌ يزول عن قريب، وهذا كما تقول: كذبت وأنت كاذب، فيكون قولك: أنت كاذب، زيادة في الوصف بالكذب (٢).


= قال "قد يكون". وقد أخرجه بنحوه الثعلبي ٢/ ١٦٤ أ، والواحدي في "الوسيط" ٢/ ٤٤٦، والبغوي ٥/ ٤٥، وورد في "إحياء علوم الدين" ٣/ ١٣٥، و"تفسير الرازي" ٢٠/ ١٢٠، والخازن ٣/ ١٣٦، قال الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء": أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" بسند ضعيف، ورواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" (ص ٢٤٣) مقتصرًا على الكذب، والسائل أبو الدرداء، والرواية التي أشار إليها العراقي أخرجها مالك عن صفوان بن سليم أنه قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جبانًا .. فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: "لا" موطأ مالك [شرح الزرقاني] باب ما جاء في الصدق ٤/ ٤٠٨، و"التمهيد" ١٦/ ٢٥٣، وقال: لا أحفظ هذا الحديث مسندًا بهذا اللفظ من وجه ثابت، وأخرجها ابن أبي الدنيا في "الصمت" ص ٢٤٨، عن ابن مسعود وسعد -رضي الله عنه- موقوفًا قالا: كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب. والحديث ضعيف.
(١) في (أ)، (د): (البعث).
(٢) ورد بنحوه مختصرًا في "تفسير البغوي" ٥/ ٤٥، و"الرازي" ٢٠/ ١١٩، و"القرطبي" ١٠/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>