للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أول مفعول للشرح، والتقدير: ولكن من شرح بالكفر صدره، وحذف الهاء منه لأنه لا يُشْكِل بصدر غيره، إذ البشر لا يقدر على شرح صدر غيره، فهو نكرة يراد بها المعرفة، ويدل عليها معنى الكلام، "وهذه الآية تدل على أنّ المُكْرَهَ على كلمة الكفر إذا تَلَفَّظ بها مُكْرَهًا لا يحكم بكفره إذا كان قلبه مطمئنًا بالإيمان (١)، ولذلك أبطل الشافعي طلاق المكره وعتاقه وعقوده، ولم يجعل لها حكمًا (٢)، ودلّت الآية على أن حقيقة الكفر إنما تكون بالقلب دون اللسان (٣).

١٠٧ - قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا}، أي: ذلك الشرح وذلك الكفر (٤)، بأنهم أحبّوا الدنيا واختاروها على الآخرة، قال الكلبي: والمراد بقوله: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} عبد الله بن سعد بن أبي سرح ومن ارتد عن الدين وطابت نفسه بالكفر (٥)، وذلك باستحبابهم الدنيا وبأن


(١) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٥ أ، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٤٦، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٨٢.
(٢) وهذا القول هو قول جمهور العلماء خلافًا للحنفية، وقد ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٦٥ أ، ونسبه أيضًا إلى بعض الصحابة ومالك والأوزاعي، انظر: بسط المسألة في "تفسير الجصاص" ٣/ ١٩٢، و"المحلى" ٨/ ٣٣١، و"تفسير ابن العربي" ٣/ ١١٨٠، و"المجموع" ١٧/ ٦٥، و"المغني" ١٠/ ٣٥٠، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٨٤، و"رفع الحرج في الشريعة الإسلامية" ص ٢٤٦، و"الإكراه وأثره في التصرفات الشرعية" ص ١٩٦، و"عوارض الأهلية عند الأصوليين" ص ٤٩٦.
(٣) ذكره الثعلبي ٢/ ١٦٤ ب، بنحوه.
(٤) مطموسة في: (ش).
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٩٣، وورد بلا نسبة في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٨ أ، والسمرقندى ٢/ ٢٥٢، وهود الهواري ٢/ ٣٩٠، وفي إدراج عبد الله بن أبي السرح مع الذين انشرحت صدورهم للكفر نظر؛ لأنه قد رجع إلى الإسلام وحسن =

<<  <  ج: ص:  >  >>