للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لِمَا) سبب لقوله: {هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}، وذكر وجهين آخرين في انتصاب الكذب؛ أحدهما: أن نصبه على نفي الخافض (١)، على تأويل لِمَا تصف ألسنتكم كذبًا؛ على جهة التفسير (٢) أو الحال، ثم ألحق به الألف واللام؛ كما قال الشاعر (٣):

وما قومي بِثَعْلَبةَ بنِ بَكْرٍ ... ولا بفَزَارة الشُّعْرِ الرِّقابَا (٤)

انتصب الرقاب على معنى التفسير هذا كلامه (٥)، والقول قول الأخفش والكسائي، والإشارة بقوله {هَذَا} و {وَهَذَا} إلى ما كانوا يحلونه ويحرمونه.

وقوله تعالى: {لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}، وذلك أنهم كانوا ينسبون ذلك


(١) أي لما تصف ألسنتكم من الكذب. "تفسير القرطبي" ١٠/ ١٩٦.
(٢) أي التمييز. انظر: "المعجم المفصل في النحو العربي" ١/ ٣٦٥.
(٣) هو الحارث بن ظالم (جاهلي).
(٤) ورد في "الكتاب" ١/ ٢٠١، و"البيان والتبيين" ٤/ ١٠٠٨، و"المقتضب" ٤/ ١٦١، و"الأغاني" ١١/ ١٢٣، و"الإنصاف" ١٠٩، ١١٠، و"أمالي ابن الشجري" ٢/ ٣٩٨، و"شرح المفصل" ٦/ ٨٩، وفي بعض المصادر برواية: (الشُّعْرى رِقابا)، وفي جميع المصادر -ما عدا الإنصاف- (سعد) بدل (بكر)، قال في الانتصاف من الإنصاف: والمحفوظ (بثعلبة بن سعد)، وكذلك هو في نسب ثعلبة؛ فإنه ثعلبة بن سعد بن ذبيان، وفزارة هو ابن ذبيان أخو سعد بن ذبيان أبي ثعلبة، والشاعر في هذا البيت ينتفي من بني سعد بن ذبيان. (الشُّعْر): جمع أشعر، والشعرى مؤنث الأشعر، والأشعر: الكثير شعر القفا ومقدم الرأس، فهذا عندهم مما يتشاءم به، ويحمدون النّزع، وهو انحسار الشعر عن مقدم الرأس. والشاهد: أنه نصب الرقابا بقوله: (الشُّعْر) جمع أشعر، وهو هنا صفة مشبهة.
(٥) ذكر الواحدي أن صاحب النظم ذكر وجهين آخرين للنصب ولم يذكر إلا وجهًا واحدًا، وذكر السمين أربعة أوجه للنصب. انظر: "الدر المصون" ٧/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>