للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر، والمفعول محذوف على تقدير: أبصرهم وأسمعهم، وقوله: {بِهِ} أي: بالقرآن، كأنه قيل: اجعلهم يبصرون بالقرآن غيري، وولايتي ويسمعون ذلك (١). والقول الذي عليه الناس هو الأول.

وقوله تعالى: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} قال المفسرون: (أي ليس لأهل السموات والأرض من دون الله) (٢). والكناية تعود إلى أهل السموات والأرض، وقد سبق ذكرهم في قوله: {غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وهم من غيبها، أي: مما غابوا فيها. وقال عطاء عن ابن عباس: ({مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} يريد قد عرفوا عظمتي وربوبيتي فلم يتخذوا من دوني وليًّا) (٣). وعلى هذا الكناية في قوله تعود إلى المؤمنين خاصة من أهل السموات والأرض (٤).

وقوله تعالى: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} قال أبو إسحاق: (هذا على معنيين أحدهما: أنه جرى ذكر علمه وقدرته، فأعلم أنه لا يشرك في حكمه بما يخبر به من الغيب أحدًا كما قال: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: ٢٦]. ويكون على معنى: أنه لا يجوز أن يحكم حاكم


(١) "النكت والعيون" ٣/ ٣٠٠، و"زاد المسير" ٥/ ١٣١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٣٨٨. والحق أن يقال في تفسير هذه الآية: ما أبصره وما أسمعه -صلى الله عليه وسلم- وذكر في كتاب الله -عز وجل- آيات كثيرة تدل على اتصافه سبحانه بالسمع والبصر الذي يليق بجلاله. وقال ابن سعدي في "تفسيره" ٥/ ٢٧: تعجب من كمال سمعه وبصره، وإحاطتهما بالمسموعات والمبصرات، بعد ما أخبر بإحاطة علمه بالمعلومات.
(٢) "جامع البيان" ١٥/ ٢٣٢، و"معالم التنزيل" ٥٣/ ١٦٥، و"الكشاف" ٢/ ٣٨٧، و"زاد المسير" ٥/ ١٣١.
(٣) ذكره الطبري في "جامع البيان" ١٥/ ٢٣٢ بدون نسبة.
(٤) "البحر المحيط" ٦/ ١١٧، و"روح المعاني" ١٥/ ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>