للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} إجماع المفسرين أن النسيان هاهنا معناه: نسيان الفتى ذكر قصة الحوت لموسى، والناسي كان أحدهما، وأضيف إليهما جميعًا.

واختلفوا في وجه هذا فقال الفراء: (إنما نسيه يوشع فأضافة إليهما كما قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] وإنما يخرج من الملح دون العذب) (١). وعلى هذا أضيف إليهما توسعا، وذكر غيره العلة في جواز هذا التوسع فقال: (إنهما كانا جميعًا تزوداه لسفرهما، فجاز إضافته إليهما كما يقال: نسي القوم زادهم، وإنما نسيه أحدهم) (٢).

وقال أبو علي الفارسي: (هذا من باب حذف المضاف. المعنى: نسي أحدهما حوتهما، فلما حذف المضاف عادت الكناية إلى الفعل فقيل: نسيا. قال: وكذلك قوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} [الرحمن: ٢٢] المعنى: من أحدهما، وفيه حذف أيضًا من وجه آخر وهو أن التقدير: نسيا أمر حوتهما وقصته؛ لأن يوشع نسي أن يذكر أمره لموسى على ما بينا) (٣).

هذا الذي ذكره مذهب المفسرين، وجميع أهل المعاني، وقد أغنى الزجاج عن الحذف والتقديم والتأخير الذي يلزم على مذهب هؤلاء فقال في قوله: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} (كان النسيان من يوشع أن يقدمه، وكان النسيان من موسى أن يأمره فيه بشيء) (٤).


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٤.
(٢) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٣، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٥٤، "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٣، "روح المعاني" ١٥/ ٣١٤.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٣١١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>