للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَشَدا (١)، ومثله كثير في العربية نحو: البُخْل والبَخَل، والعُجْم والعَجَم، والعُرْب والعَرَب.

قال أبو علي الفارسي: (فُعْل وفَعَل قد أجرى العرب كل واحد منهما مجرى الآخر (٢)، ألا ترى أنهم جمعوهما جمعًا واحدًا فقالوا: تاجٌ وتِيْجان، وقاعٌ وقِيْعان، وحُوت وحِيْتان، ونُوْنٌ ونيْنان، وكما جمعوا فعلاً على فعلٍ نحو: أَسَد وأُسْد، ووَثَن ووُثْن، جمعوا فُعْلا على فُعْلٍ أيضًا، كما جمعوا فَعَلاً وذلك قولهم: الفلك، قال الله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الشعراء: ١١٩] أراد الواحد. وقال: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: ١٦٤]، أراد الجمع. وقيل: أرجح الوجهين قراءة من قرأ: رَشَدا، لاتفاقهم على الفتح في قوله: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: ١٤]. وقد اجتمعا في أن كل واحد منهما فاصلة. فأما وجه انتصابه فقوله: {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ} حال من قوله: {أَتَّبِعُكَ}، والراجع إلى الموصول في قوله: {مِمَّا عُلِّمْتَ} محذوف تقديره: مما علمته. و {رُشْدًا} منصوب على أنه مفعول له، كأنه قيل: أتبعك للرشد. ويجوز أن يكون مفعولاً به تقديره: هل أتبعك على أن تعلمني رشدًا مما علمته (٣).


(١) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (رشدا) مضمومة الراء خفيفة الشين. وقرأ ابن عامر: (رُشُدا) مضمومة الراء والشين، وقرأ أبو عمرو البصري: (رَشَدا) مفتوحة الراء والشين.
انظر: "السبعة" ص ٣٩٤، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٥٤، "التبصرة" ص ٢٥٠، "حجة القراءات" ص ٤٢٢، "النشر" ٢/ ٣١١.
(٢) في نسخة (ص): (الأثري)، وهو تصحيف.
(٣) "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٤٥، "إملاء ما من به الرحمن" ٤٠٢، "الدر المصون" ٧/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>