للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْنِي من نصر الخُبَيْبَيْن قدي

لم يلحق النون، كذلك قرأ نافع: لدني. ولا تكون النون المحذوفة نون لدن لثبوته في قولك: لدنه، ولدنك، ولدنَّا) (١).

وقال أبو إسحاق: (ومن قال: لدني، لم يجز له أن يقول: عَنِي، ومِنِي؛ لأن لَدُن اسم غير متمكن، ومن، وعن حرفان جاءا لمعنى، ولدن مع ذلك أثقل من: مِنْ، وعَنْ، والدليل على أن الأسماء يجوز فيها حذف النون قولهم: قدنى، في معنى: حسبي) (٢)، هذا كلامه. وذكر الفرق بين لدني مخفف، ومتى خفف لا يجوز من وجهين أحدهما: أن لَدُنْ اسم والاسم يجوز الحذف فيه كقولهم: قَدِي. والآخر: أن لدن أثقل من (من).

وقال أبو علي فيما استدرك عليه: (النون مع الياء التي للمتكلم إنما اجتلبت ليسلم سكون الحرف، كما اجتلبت في (قد)، كذلك ثم استجيز الحذف في لدن، كما استجيز في (قد): (قدي)، فيجب أن ينظر في أي: موضع يجوز الحذف في (قدي)، فيجوز في لدن على ذلك الحد. فوجدنا الحذف في (قد) إنما وقع في الضرورة في الشعر دون الكلام، ولم يجيء الحذف في غير الشعر فإذا كان كذلك فلا يستحسن على هذا الحذف في القراءة من لدني؛ لأنه ليس بموضع ضرورة، ولم يفصل أبو إسحاق ما يجوز في الشعر، مما يجوز في الكلام والقرآن، حتى صار الجائز في الضرورة يتوهم من كلامه جوازه في الكلام. فإن قيل: إن الحذف للنون في (لدني) أدنى مزية في الحسن على (قدي)، لاجتماع المثلين فيه وهم


(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٦١، "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" ٩٦٨.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>