للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو إسحاق: (الخشية من الله معناه الكراهة، ومعناها من الآدميين الخوف) (١). قال ابن الأنباري: (الخشية صلحت خبرا عن الله بمعنى الكراهية، فإذا وصف المخلوق بها أفادت هلعًا وفزعًا، وإذا أخبر بها عن الخالق دلت على تأويل الكراهة، كما كان الاستهزاء من المخلوق سفها، ومن الخالق استدراجا) (٢).

{فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: ٨١].

وقال قوم: (هذا من كلام الخضر، ولا يجوز أن يكون فخشينا عن الله بل الخضر -عليه السلام- خشي أن يرهق الغلام أبويه طغيانًا وكفرا فلذلك قتله، قالوا: والدليل على أن هذا من كلام الخضر قوله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا} ولو كان من كلام الله لقال: فأردنا أن نبدلهما خيرًا منه ولم يعد ذكر الرب) (٣). والظاهر يعضد هذا، غير أن أبا إسحاق قال: (هذا جائز أن يكون عن الله بمعنى فكرهنا، وقوله: {فَأَرَدْنَا} بمعنى فأراد الله، ولفظ الإخبار عن الله كذا أكثر من أن يحصى) (٤). هذا كلامه. وقول من قال: إنه من كلام الخضر ظاهر جلي.

وقوله تعالى: {أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} أي: يغشيهما ويكلفهما، وذكرنا الكلام في هذا الحرف عند قوله: {وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: ٧٣].


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٥.
(٢) ذكر نحوه مختصرًا "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٨١، "زاد المسير" ٥/ ١٧٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٣٦، "البحر المحيط" ٦/ ١٥٥.
(٣) "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٨١، "الكشاف" ٢/ ٤٠٠، "زاد المسير" ٥/ ١٧٩، "البحر المحيط" ٦/ ١٥٥، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٣٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>