للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} [الممتحنة: ٨] الآية، وقال في قصة إبراهيم: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} [الممتحنة: ٤]، فاستثنى الاستغفار، ولم يستثن السلام) (١). وقد قال إبراهيم: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} سأدعو لك ربي بالمغفرة والتوبة، وذلك أنه لما أعياه أمره وعده أن يراجع الله في بابه فيسأله أن يرزقه التوحيد ويغفرله، واستغفاره له يتضمن مسألة التوحيد؛ لأنه لا يغفر له ما ثبت على شركه، ألا ترى أن الله تعالى قال: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: ١١٤] أي: لما مات على شركه ترك الاستغفار له. والمعنى على هذا سأسأل الله لك توبة تنال بها مغفرته (٢). وقيل: (أنه وعد أباه الاستغفار وهو لا يعلم أن ذلك محظور على المصر على الكفر فلما أعلمه الله، (٣) ما فيه قطع الاستغفار وبريء من أبيه) (٤).

قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} قال ابن عباس، ومقاتل: (لطيفا بارا)] (٥). وهو قول أكثر المفسرين.


(١) ذكره القرطبي ١١/ ١١ أو قال: والجمهور على أن المراد بسلامه المسالمة التي هي المتاركة لا التحية، وقال النقاش: حليم خاطب فيها كما قال: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}.
(٢) "بحر العلوم" ٣٢٥/ ٢، "النكت والعيون" ٣/ ٣٧٥، "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٨٠، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٣٥، "زاد المسير" ٥/ ٢٣٧.
(٣) من قوله: (وموضع الباء مع ما بعدها ..) إلى هنا ساقط من (س).
(٤) "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٨٠، "ابن كثير" ٣/ ١٣٧، "فتح القدير" ٣/ ٤٨٣.
ويشهد لهذا قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٤].
(٥) "جامع البيان" ١٦/ ٩٢، "ابن كثير" ٣/ ١٣٧، "زاد المسير" ٥/ ٢٣٨، "فتح القدير" ٣/ ٣٣٧. وما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>