للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لا يعطف عليه ولا يؤكد ولا يخبر عنه، والوصف والعطف والتوكيد والخبر كل هذا يؤذن بتمام الاسم، فلا يجوز أن يتعلق بالاسم بعد هذه الأشياء شيء، مثال ذلك أنك لا تقول: هذا ضارب ظريف زيدًا على أن ينصب زيدًا بضارب؛ لأنك وصفت الضارب فلا يتعلق به بعد الوصف شيء، وكذلك لا يجوز المعطي عمرًا زيدًا، على أن ينصب زيدًا بالمعطي؛ لأنك قد أخبرت عنه، ولا يجوز مررت بالضارب وعمرو زيدًا، ولا مررت بالضارب نفسه زيدًا؛ لأنك لا تؤكد ولا تعطف على الاسم وقد نفيت منه بقيه، وكذلك البدل لا يجوز أن يبدل من الاسم قبل تمامه كقولك: مررت بالضارب أخيك زيدًا، على أن تبدل الأخ من الضارب، وقد جاء في الشعر شيء من هذا كقول بشر بن أبي خازم (١):

إِذَا فاقِدٌ خَطْباءَ فَرْخَين رَجَّعَتْ ... ذَكَرتُ سُلَيمَى في الخَلِيطِ المُباين

أعمل فاقدا بعد وصفه بخطباء. وهذا الذي جاء منه في الشعر يحمل النحويون مثله على إضمار فعل آخر مثل الذي ظهر، كأنه قال بعد قوله خطباء: فقدت فرخين، ودل عليه فاقد، كذلك قوله تعالى: {مَكَانًا} لا يجوز على ما ذكرنا أن يتعلق بموعد، ولكنه يتعلق بمحذوف يدل عليه الظاهر، كأنه قيل: عدنا مكانا سوى، ويجوز أن يتعلق بالموعد المذكور في الآية؛ لأنه ظرف والظرف (٢) يتجوز فيه ما لا يتجوز في غيره، ألا ترى


(١) البيت لبشر بن أبي خازم.
انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٢٥، "المقرب" لابن عصفور ١/ ١٢٤، "المقاصد النحوية" ٣/ ٥٦٠، "شرح شاهد الألفية" للعيني ٣/ ٥٦٠، "لسان العرب" (فقد) ٦/ ٣٤٤٤، "مجمع البيان" ٧/ ٢٥.
(٢) في (ص): (والمظروف).

<<  <  ج: ص:  >  >>