للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما احتجوا به من قوله: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} تأويله: إنكم لسارقون يوسف، وكانوا قد سرقوه من أبيه حين أخفوه عنه في البئر (١).

وكل هذا تكلف واحتيال مع ورود الخبر بأن إبراهيم كذب ثلاث كذبات، ويؤيد هذا حديث الشفاعة المروى في الصحيح (٢): أن الناس إذا جاؤا إلى إبراهيم ليشفع لهم يعتذر بهذه الكذبات.

٦٤ - قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} أي تفكروا بقلوبهم ورجعوا إلى عقولهم فقال بعضهم لبعض {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} أي: هذا الرجل في مسألتكم إياه وهذه آلهتكم حاضرة فاسألوها (٣).

وقيل: أنتم الظالمون بعبادتكم الصغار مع هذا الكبير (٤).

وقال عطاء عن ابن عباس: يريد: حيث يعُبد (٥) من لا يتكلم (٦).


= وقال ابن القيم في تعليقه على "سنن أبي داود" ٦/ ٢٩٦ - ٢٩٧: وسمى قول إبراهيم هذا كذبًا لأنه تورية. وقد أشكل على الناس تسميتها كذبة، لكون المتكلم إنما أراد اللفظ المعنى الذي قصده، فكيف يكون كذبًا؟ والتحقيق في ذلك: أنها كذبٌ بالنسبة إلى إفهام المخاطب، لا بالنسبة إلى غاية المتكلم، فإن الكلام له نسبتان: نسبة إلى المتكلم، ونسبة إلى المخاطب، فلما أراد الموري أنه يفهم المخاطب خلاف ما قصده بلفظه أطلق الكذب عليه بهذا الاعتبار، وإن كان المتكلم صادقا باعتبار قصده ومراده.
(١) انظر القرطبي ٩/ ٢٣١.
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" كتاب: الأنبياء ٦/ ٣٩٥.
(٣) "تفسير الطبري" ١٧/ ٤١، و"الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٣١ أ.
(٤) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٣١ أ. وقد ذكره ابن الجوزي ٥/ ٣٦٤ عن وهب بن منبه.
(٥) هكذا في (أ). وفي (د): (حبب يعبد). وفي (ع): (حدث يعبد)، وفي "الوسيط" ٣/ ٣٤٣: حيث عبدتم. ولعل صواب العبارة: حيث تعبدون.
(٦) ذكره ابن الجوزي ٥/ ٣٦٤ وأبو حيان في "البحر" ٦/ ٣٢٥ منسوبًا إلى ابن عباس =

<<  <  ج: ص:  >  >>