للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} قال ابن عباس: يريد أرض الشام. وقال الكلبي: يعني فلسطين بارك الله فيها بالماء والشجر والنخل.

وينا هذا عند قوله: {بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ٧١].

قال الفراء: كانت تجري بسليمان إلى كل موضع، ثم تعود به من يومه إلى منزله، فذلك قوله: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} (١).

وقوله تعالى: {وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [قال (٢) ابن عباس: يريد بكل شيء فعلنا.

وقال أهل المعاني] (٣): وكنا بكل شيء علمناه عالمين بصحة التدبير


= التوفيق بين الآيتين:
أحدهما: أن هذه الريح المسخرة لسليمان قد جمعت أمرين: فهي رخاءٌ في نفسها أي: رخية طيبة كالنسيم، وعاصفة في عملها كما قال تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: ١٢]، مع طاعتها لسليمان وهبوبها على حسب ما يريد، فهي آية إلى آية، ومعجزة إلى معجزة. ذكره الزمخشري ٢/ ٥٨٠.
الثاني: قال بعضهم: إن العاصفة هي في القفول على عادة البشر والدواب في الإسراع إلى الوطن ولذلك قال {عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} وهي الشام مسكن سليمان، والرخاء في البدأة {حَيْثُ أَصَابَ} [ص: ٣٦] أي: حيث يقصد؛ لأن ذلك وقت تأن وتدبير وتقلب رأي. ذكره ابن عطية ١٠/ ١٨٦. وانظر: "البحر المحيط" ٦/ ٣٣٢.
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٠٩. وهذا من أخبار بني إسرائيل، فالله أعلم بصحته. قال أبو حيان في "البحر" ٦/ ٣٣٣: وقد أكثر الأخباريون في ملك سليمان، ولا ينبغي أن يعتمد إلا على ما قصه الله في كتابه وفي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أهـ يعني ما صح من حديثه -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) إلى قوله (قال) ينتهي الخرم من نسخة شستربتي، ويبدأ الموجود من قوله: ابن عباس.
(٣) ما بين المعتقوفين ساقط من (د)، (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>