للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشتهي وقوعه بهم.

وأما قول ابن عباس وابن مسعود: عبد (١) آبق من ربه، أي: من أمر ربه حين أُمر أن يعود إليهم بعد رفع العذاب عنهم فلم يعد، وركب البحر.

ويدُل على صحة ما ذكرنا ما روي عن ابن عباس في قصته: أنه لمّا خرج من بطن الحوت أنبت الله له شجرة من يقطين (٢)، فكان (٣) يستظل بورقها حتى قوي بعض القوة، فمضى يومًا إلى شط البحر، ثم رجع إلى تلك الشجرة، فوجدها قد جفت، فبكى حزنًا عليها، فأوحى الله إليه: أتحزن على شجرة أنبتها لك، وقد أردت أن أهلك أكثر من مائة ألف من عبادي، إذهب إلى قومك (٤).

وهذا يدل على أنه اشتهى نزول عذاب الله بقومه، وكره دفعه عنهم، وأن ركوبه البحر كان معصية لله (٥) بترك أمره، إذ أمره أن يعود إليهم. فأما أن يقال إنه غاضب ربه، فهم عظيم، ولا يجوز القول بذلك في الأنبياء.

وروي وجه آخر من التأويل في قوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} وهو أن


(١) (عبد) زيادة من (د)، (ع).
(٢) يقطين: هو كل شجر لا يقوم على ساق، نحو الدباء والقرع والبطخ، "لسان العرب" لابن منظور ١٣/ ٣٤٥ (قطن).
(٣) في (د)، (ع): (وكان).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ١٣/ ٥٧٨ - ٥٧٩ من طريق عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بنحوه. وعبد الله بن مسلم وابن هرمز المكي ضعيف كما قال الحافظ بن حجر في "التقريب" ١/ ٣٢٣. لكن روى ابن أبي شيبة ١١/ ٥٤٢ عن ابن مسعود نحو هذا. قال ابن حجر في "الفتح" ٦/ ٤٥٢: وإسناده صحيح أهـ. ويظهر أنه من أخبار بني إسرائيل. والله أعلم.
(٥) في (ت): (الله)، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>