للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عزمًا منه ذلك حتماً. وفي (١) هذا تخويف لكفار مكة بأنهم إن عذبوا وأهلكوا لم يرجعوا إلى الدنيا كغيرهم من الأمم المهلكة. وإلى هذا أشار الكلبي فيما حكينا عنه. وهذا التفسير موافق لظاهر اللفظ؛ إلا أن حراماً بمعنى: وجب نادر، وهو مقبول من أهل التفسير، ولم يحتج في هذا القول إلى تقدير محذوف أو حكم على حرف بزيادة (٢).

القول الثاني: أن معنى الآية: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}. أي: أهلكناهم بالاستئصال والاصطلام؛ لأنهم إنما لا يرجعون للاستئصال الواقع بهم والإبادة لهم. وخبر المبتدأ على هذا محذوف، تقديره: وحرام على قرية أهلكناها بالاستئصال بقاؤهم أو حياتهم. ونحو ذلك مما يكون في الكلام دلالة عليه.

وهذا القول ذكره أبو علي (٣).

وإلى نحو هذا [من التقدير -الذي ذكره أبو علي-] (٤) ذهب الزجاج وقطرب (٥) في معنى هذه الآية.

قال الزجاج: لما ذكر الله تعالى أنه لا يضيع عمل عامل من المؤمنين في قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ} الآية، ذكر في هذه الآية أنه قد حرم قبول أعمال الكفار. والمعنى: حرام على قرية أهلكناها أن يُتقبل منهم عملٌ؛ لأنهم لا يرجعون، أي: لا يتوبون كما قال -عزّ وجلّ-: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى


(١) في (ت): (في).
(٢) في (أ)، (ت): (بزيادة).
(٣) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٣/ ٣٨٢، وانظر ٥/ ٢٦١.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٥) لم أجد من ذكره عن قطرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>