للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السعير. فالفاء في هذا الوجه أيضًا داخلة لمعنى الجزاء، ولا يجوز أن تكون العاطفة. ألا ترى أنك لا تقول: زيد فمنطلق. فتعطف الخبر على مبتدأه، وإنّما دخلت هنا لما في الصلة من معنى الجزاء كقوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: ٢٧٤]، وقوله: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]. ومثله في التنزيل كثير.

فإذا لم يخل من الوجهين اللذين ذكرنا، وكانت الفاء في كلا الوجهين متعلقة بها لا على جهة العطف لما بينا ثبت أنَّ قول أبي إسحاق: أنّ (١) "فأنه" عطف على "أنَّ" خطأ؛ إذ كانت الفاء لا تخلو: إما أن تكون مع ما بعدها في موضع جزم لوقوعه جزاء للشرط، واما أن تكون مع ما بعدها في موضع رفع لوقوعها خبرًا لمبتدأ واقع مع خبره موقع خبر "أنَّ" من قوله {أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ}.

وإذا بطل أن تكون الفاء للعطف بطل قول أبي إسحاق في "أنَّ" من قوله "فأنّه يضله" موضعها رفع أيضًا أن يكون مرفوعًا من الجهة التي ذكر وهو خطأ (٢) ثانٍ (٣) لزمه لجعله الفاء عاطفة و"أن" من قوله "فأنّه يضله" لا يجوز أن تكون معطوفة على الأولى (٤)؛ لأنه لا يخلو من أن يكون خبر مبتدأ، أو يكون جواب شرط، ومحال أن يعطف خبر المبتدأ على المبتدأ


(١) أنّ: ساقطة من (ظ).
(٢) في (أ): (التي ذكره)، هو خطأ.
(٣) في (أ): (فإن)، وهو خطأ.
(٤) في (ظ)، (د)، (ع): (الأول)، والمثبت مش (أ). وهو الموافق لما في "الإغفال" ص ١٠٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>