للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا سميت عبادتها رجسًا؛ لأنها تؤدي (١) إلى الرجس الذي هو اللعنة والعذاب. وعلى قول الكلبي هي رجس؛ لأنها مأثم.

وقال أبو إسحاق: (من) هاهنا تخليص (٢) جنس من أجناس (٣)، المعنى: فاجتنبوا الرجس الذي هو وثن (٤).

وهذا قول أكثر أهل التأويل جعلوا (من) هاهنا تبيينًا للجنس. وعلى هذا الرجس: الوثن، سمي رجسًا كما سمي عبادتها (٥) رجسًا في القول الأول. وليس الرجس في هذه الآية من القذارة والاستقذار في شيء.

وقال المبرد: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} والأوثان كلها رجس، وتأويله -والله أعلم: فاجتنبوا الرجس (٦) المضاف إلى هذا الاسم، كما قال -عز وجل- في وصف أصحاب نبيه - صلى الله عليه وسلم - {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ٢٩] وكلهم مؤمن، ولكن تأويله -والله أعلم-: المضافين إلى هذا الوصف. قال: ومن ذلك قول سيبويه في أول كتابه: هذا باب علم ما الكلم من العربية (٧)، أي: ما الكلم المضاف


(١) في (أ): (لا تؤدي)، وهو خطأ.
(٢) عند الزجاج في "معانيه": لتخليص.
(٣) هو أن تذكر شيئًا تحته أجناس، والمراد أحدها، فإذا أردت واحدًا منها بينته، كهذه الآية. فلو اقتصر على الرجس لم يعلم المراد، فلما صرح بذكر الأوثان علم أنها المراد من حسن الرجس. وقرنت بـ (من) للبيان.
انظر: "شرح المفصل" لابن يعيش ٨/ ١٢، "مغني اللبيب" لابن هشام ١/ ٣٤٩ - ٣٥٠، "البرهان" للزركشي ٤/ ٤١٧.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٢٥.
(٥) في (أ): (عادتها).
(٦) (الرجس): ساقط من (أ).
(٧) "الكتاب" لسيبويه ١/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>