للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والضحاك، وهو لم يلق ابن عباس، كما تقدم في صدر السورة. وعليه فإن ما ذكره الواحدي -رحمه الله- في آخر تفسيره لهذه الآية من أن التوراة أنزلت جملة؛ لأنها أنزلت على نبي يقرأ ويكتب، يحتاج إلى دليل يثبته، والله أعلم. وقد حَسَّن القول بأن قوله تعالى: {كَذَلِكَ} من قول المشركين، ابنُ الأنباري. نقله عنه القرطبي ١٣/ ٢٩. واقتصر عليه الآلوسي ١٩/ ١٥، مع أنه صدره بـ (قيل). ولعل اقتصاره عليه لترجيحه أن نزول الكتب السابقة كان جملة. وسيأتي ذكر قوله. وردَّ هذا القول البقاعي، في "نظم الدرر" ١٣/ ٣٨٠، وعلل ذلك بأن نزول الكتب السابقة إنما كان منجماً، ولم يكن جملة. وقد بَيَّن رأيه هذا ووضحه واستدل عليه عند تفسير قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] "نظم الدرر" ٥/ ٥٠٧. وذهب إلى هذا أيضًا الشوكاني، حيث قال ٤/ ٧٠: وهذا زعم باطل، ودعوى داحضة، فإن هذه الكتب نزلت مفرقة كما نزل القرآن، ولكنهم معاندون، أو جاهلون لا يدرون بكيفية نزول كتب الله سبحانه على أنبيائه. ومثله المراغي ١٩/ ١٢. وكذا ابن عاشور ١٩/ ١٨، وبعد أن قرر هذا قال: فخوض المفسرين في بيان الفرق بين حالة رسولنا من الأمية، وحالة الرسل الذين أنزلت عليهم الكتب اشتغال بما لا طائل تحته، فإن تلك الكتب لم تنزل أسفاراً تامة قط. وقد نبه على هذا القاسمي أيضًا، ومما قاله في "محاسن التأويل" ١٢/ ٢٦١: والحال أن القول بنزولها دفعة واحدة، لا أصل له، وليس عليه أثارة من علم، ولا يصححه عقل. وأما البرسوي ٦/ ٢٠٩، فقد جزم بأن إنزال القرآن منجماً فضيلة خص بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من بين سائر الأنبياء. لكنه لم يذكر ما يدل على هذا التخصيص. وكذلك الآلوسي ١٩/ ١٥، حيث قال: أي: هلا أنزل القرآن عليه عليه الصلاة والسلام، دفعة غير مفرق، كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور، على ما تدل عليه الأحاديث والآثار، حتى كاد يكون إجماعاً، كما قال السيوطي. ثم رد قول من قال بخلاف ذلك، ولكنه لم يذكر شيئاً من هذه الأحاديث، والآثار. ولم يذكر السيوطي هذا في "الدر المنثور"، عند تفسير هذه الآية، وكذا لم أجده في "الإتقان". والله أعلم.
وأما قول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف. ١٤٥] فقد وقع الخلاف بين المفسرين هل هذه الألواح هي التوراة أم لا؟. قال ابن كثير بعد أن ذكر الخلاف: وعلى كل تقدير كانت كالتعويض له عما سأل من الرؤية ومنع منه. "تفسير ابن كثير" ٣/ ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>